كيف ما اتفق الابتداء كما يقتضيه قول الباقر عليهالسلام في أحد الاحتمالين : « السنة أن يحمل السرير من جوانبه الأربع ، وما كان بعد ذلك من حمل فهو تطوع » وكتابة الحسين ابن سعيد إلى الرضا عليهالسلام في الصحيح (١) « يسأله عن سرير الميت إله جانب يبدأ به في الحمل من الجوانب الأربعة أو ما خف على الرجل يحمل من أي الجوانب شاء؟ فكتب من أيها شاء » ولا منافاة فيه لما تسمعه من استحباب البدأة بما يأتي ، وعلى تقديره فهو معارض بما هو أقوى منه من وجوه ، فما عن ابن الجنيد من العمل به في ذلك كما عساه يلوح من المدارك أيضا ليس في محله.
(و) لكن الأفضل فيه أن ( يبدأ بمقدمها الأيمن ) أي الجنازة التي هي عبارة عن الميت ، فيضعه على عاتقه الأيمن ويخرج باقي بدنه ، ثم يدور من ورائها إلى الجانب الأيسر بعد أن يحمل مؤخرها الأيمن كالمقدم ، فيضع مؤخرها الأيسر على عاتقه الأيسر ، ثم ينتقل منه إلى المقدم واضعا له على العاتق الأيسر ، أو يراد بالجنازة السرير على أن يكون الأيمن منه هو الذي يلي يمين الميت ، فيوافق الهيئة السابقة ، وهو المشهور بين الأصحاب على ما حكاه في كشف اللثام ، قلت : ولعله كذلك وإن وقع في كثير من عبارات الأصحاب وصف مقدم السرير الذي يبتدأ به بالأيمن ، وهو موهم لما كان يلي يسار الميت ، ويساره لما كان يلي يمين الميت ، ومن هنا وقع الاضطراب في كثير من كلماتهم حتى جعلوا المسألة خلافية ، فذكروا أن الشيخ في المبسوط والنهاية وباقي الأصحاب على الابتداء بيمين السرير المقدم ، ثم بمؤخره ، ثم بمؤخر الأيسر ، ثم بمقدمة كذلك ، خلافا له في الخلاف ، فجعل البدأة بيسار السرير ، وهو الذي يلي يمين الميت ، ثم بمؤخره ، وهكذا إلى المقدم ، مع نقله الإجماع من الفرقة وعملهم عليه فيه ، واختاره جماعة من متأخري المتأخرين مرجحين له بعد ظهوره من
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٨ ـ من أبواب الدفن ـ حديث ١.