منه فضلا عن المنقول ، ومن هنا أنكره عليه من تأخر عنه كالفاضلين والشهيد والمحقق الثاني ، وهو كذلك.
و ( منها ) ما لو دفن بغير غسل ، فيجوز نبشه حينئذ كما في المنتهى محافظة على الواجب الذي يمكن تداركه ، ولا دليل على سقوطه بذلك ، فاستصحابه محكم ، كما أنه لا دليل على حرمة النبش في مثل المقام ، فأصالة البراءة فيه محكمة ، على أنه قد يقال : إنه لا احترام لمثل هذا الدفن ، لكونه منهيا عنه من حيث تأخر الأمر به عن الغسل أو ما يقوم مقامه ، فلا اعتبار به ، لانصراف حرمة النبش إلى الإقبار الشرعي ، والظاهر إرادته ما إذا لم يخش فساد الميت بقرينة نصه على عدم النبش مع التقطيع في القبر ، ونسبته ما اختاره أولا للشافعي ، والمنقول عنه التقييد الذي ذكرناه ، ولذا قال في المدارك : « والذي يظهر لي قوة ما ذهب إليه الشافعي من وجوب النبش لاستدراك الغسل إذا لم يخش فساد الميت ، لتوقف الواجب عليه ، والمثلة مع عدم خوف الفساد لم يثبت كونها مسقطة لذلك » انتهى
وخالف في ذلك الشيخ في الخلاف ، وتبعه المصنف في المعتبر والعلامة في التذكرة وإن احتمل الأول فيها أيضا والذكرى وجامع المقاصد وغيرها ، لأنه مثلة فيسقط الغسل معها ، ولإطلاق الفتاوى بحرمة النبش من دون استثناء ذلك ، بل لعله بعض معاقد الإجماعات المحكية كذلك ، وفي الخلاف أنه يدل عليه عموم كل خبر يتضمن النهي عن نبش القبور ، ولعله وقف على ما لم نقف عليه ، كما هو مظنة ذلك.
وقد يقوى في النظر التفصيل بين كون الإخلال بالغسل لعذر شرعي كعدم الماء مثلا ونحوه وبين عدمه بل كان عصيانا ونحوه ، فالأول لا ينبش بخلاف الثاني تحكيما لما دل على كل منهما فيهما مع عدم انصراف شيء منهما إلى مفروض الآخر ، فلا تشمل أدلة الغسل للمدفون بعد تعذره ، ولا أدلة النبش للمدفون مع التمكن منه ، بل لعله ليس دفنا ، كل ذا مع عدم انهتاك الحرمة من جهة أخرى كالفساد الطاري ونحوه ، وإلا وجب