كتابة القرآن بعيد ، إذ ليس من فعل المعصوم ولا تقرير منه فيه ، إلا أن يقال ورد في حضور الرضا عليهالسلام ، فيتضمن تقريره ولا يخفى ما فيه » انتهى.
قلت : لكنها في غنية عن إقامة الدليل بالخصوص عليه بعد ثبوت الجواز بأصالته وعدم حصول التحقير والإهانة له بذلك بعد كتابته بقصد التبرك واستدفاع الشر واستجلاب الخير مع احتمال أو ظن ترتب ذلك جميعه عليه ، ولا استبعاد فيه من حيث عدم ورود نص بالخصوص به مع ما نراه من زيادة اهتمام أئمتنا عليهمالسلام بذكر ما له أدنى نفع في أمثال هذا المقام ، وذلك إما لاكتفائهم عليهمالسلام بهذه التلويحات اعتمادا على حسن أنظار علماء شيعتهم ، أو لأنه لم يصل إلينا من أخبارهم إلا القليل ، أو لغير ذلك.
فما عساه يظهر من الشهيد في الذكرى من التوقف في نحوه لا يخلو من نظر ، وكذا المحقق الثاني في جامع المقاصد ، بل قد يظهر من الثاني الميل إلى منعه ، حيث قال بعد ذكر الشهادتين وأسماء الأئمة عليهمالسلام : « ولم يذكر الأصحاب استحباب كتبة شيء غير ما ذكروا ، ولم ينقل شيء يعتد به يدل على الزيادة ، وإعراض الأصحاب عن التعرض للزيادة يشعر بعدم تجويزه ، مع أن هذا الباب لا مجال للرأي فيه ، فيمكن المنع » انتهى. وفيه ما عرفت ، بل لعل تعدي الأصحاب من مضمون خبر أبي كهمس إلى ما ذكروه مع اعترافهم بعدم ورود شيء فيه مشعر بجواز مثل ذلك من أنواع الخير في دفع مثل هذا الضرر وجلب مثل هذا النفع العظيم ، لكن الإنصاف يقضي بأنه ينبغي أن يتجنب في مثل ذلك مظان وصول النجاسة ونحوها اليه ، ولعل كتابته في شيء يستصحب مع الميت بحيث لا يصل شيء من قذاراته إليه أولى ، ولعلي أوصي بفعل ذلك لي في قبر إن شاء الله ، ومن الله أسأل التوفيق.
هذا كله مع أنه نقل في البحار وغيره عن جنة الأمان للكفعمي (١) عن السجاد
__________________
(١) المستدرك ـ الباب ـ ٢٨ ـ من أبواب الكفن ـ حديث ١.