وان الذي ذكر جوازه ليس من التغسيل المعروف الذي هو عبادة.
نعم بقي شيء وهو انه قد صرح جماعة من الأصحاب منهم المصنف فيما يأتي بعد القول بالوجوب بأن ذلك مكروه ، فان اضطر غسله غسل أهل الخلاف ، وصرح بعضهم بأنه ان لم يعرفه غسله كتغسيل أهل الحق ، وقد يشكل ذلك بالتنافي بين الكراهة والوجوب أولا ، وبعدم الاجتزاء بغسل أهل الخلاف بعد أن قام الدليل على وجوب التغسيل المنصرف الى التغسيل الحقيقي ثانيا ، وبعدم الدليل على الانتقال الى غسل أهل الحق بعد فرض وجوب الأول عند تعذره ، بل قضيته السقوط حينئذ ثالثا.
وقد يدفع الأول بما تكرر غير مرة من بيان المكروه في العبادة ، وخصوصا في المقام ، لظهور كون المراد كراهة تولي مباشرة المخالف مع وجود غيره نظير ما قلناه في استحباب مباشرة الولي بخصوصه للميت ، إذ لا فرق بين الكراهة وبين المستحب في منافاة الواجب ، والثاني بما دل (١) من الأمر بإلزامهم بما ألزموا به أنفسهم ، والثالث بوجوب أصل التغسيل ، لكن قد يناقش في الثاني بعدم شمول ما دل على ذلك لمثل المقام ، لكون التغسيل خطابا للغسل لا الميت ، فلا يبعد القول بوجوب تغسيل أهل الحق مع عدم التقية ، وإلا فمعها يغسل أهل الحق كتغسيلهم فضلا عنهم للأمر بالتقية لا لدليل الإلزام ، ويؤيد ذلك انه لا يعقل الأمر بالعبادة الفاسدة لغير التقية ، مضافا الى أن قضية ما ذكرناه من الأدلة مساواتهم لأهل الحق في ذلك ، وقد يحمل قولهم : فان اضطر غسله كغسل أهل الخلاف على إرادة التقية ، إذ هي أغلب أفراد الاضطرار.
ثم انه لا إشكال في تبعية ولد المسلم للمسلم ، كما أنه لا إشكال فيه بالنسبة للكافر ، نعم قد يشكل في ولد الزنا من كل منهما ، ولا يبعد عدم جريان حكم الإسلام عليهما وان قلنا بطهارتهما ، لكن قد يقال بوجوب تغسيلهما لا للحكم بإسلامهما بل لعدم
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٣٠ ـ من أبواب مقدمات الطلاق وشرائطه ـ حديث ٥ و ٦.