النعش الحنوط ، وربما لم يجعله ، وكان يكره أن يتبع الميت بالمجمرة » وفي خبر عمار (١) « وجمر ثيابه بثلاثة أعواد » واحتمال حملها جميعها على التقية وخصوص الثاني على كون ذلك من خواصه ليس بأولى من حملها على بيان الجواز والرخصة ، وتلك على الكراهة جمعا بشهادة ما عرفت ، بل لعله أقوى من غير فرق في ذلك بين بدن الميت وثيابه ، ويكفي ذلك في حصول الرشد بالنسبة إلى مخالفة العامة ، نعم قد وضح لك من جميع ذلك ضعف ما يحكى عن الفقيه من الأمر بتجمير الأكفان مرادا به الاستحباب على الظاهر وإن كان ربما يشهد له بعض هذه الأخبار ، سيما مع إمكان الجمع بينها وبين ما تضمن النهي عن ذلك بما إذا كانت عليه لا فيما إذا جمرت سابقا ثم كفن بها إن كان مراده ذلك ، لكنها لا تقاوم ما عرفت من الإجماعات وغيرها لوجوه عديدة لا تخفى ، فتأمل جيدا.
ومن سنن هذا القسم أن يغتسل الغاسل قبل تكفينه إن أراده أو يتوضأ وضوء الصلاة كما في النافع والمعتبر والقواعد والإرشاد والذكرى والدروس واللمعة وجامع المقاصد والروضة وعن النهاية والمبسوط والسرائر والجامع وغيرها ، بل في الحدائق نسبته إلى الأصحاب ، ولم أقف له على مستند ، نعم علله في المعتبر بأن الاغتسال والوضوء على من غسل ميتا واجب أو مستحب ، وكيف ما كان فإن الأمر به على الفور ، فيكون التعجيل أفضل ، وهو كما ترى ، على أنه لا ينطبق على التخيير بين الاغتسال والوضوء ، ونحوه ما عن التذكرة بالنسبة للاغتسال خاصة ، ولم يعلل الوضوء بشيء ، وفي المنتهى ليكون على أبلغ أحواله من الطهارة المزيلة للنجاسة العينية والحكمية عند تكفين البالغ في الطهارة ، فان لم يتمكن من الغسل استحب له أن يتوضأ لأنه إحدى الطهارتين ، فكان مستحبا كالآخر ، ومرتبا عليه لنقصانه عنه ، وهو ـ
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ١٤ ـ من أبواب التكفين ـ حديث ٤.