مع أنه لا ينطبق على التخيير المذكور ، وقضيته في المرتبة الأولى الاغتسال والوضوء كما هو المحكي عن الصدوق وأنه وجه اعتباري لا يصلح أن يكون بمجرده مدركا لحكم شرعي ـ معارض باستحباب التعجيل في تجهيز الميت وبغير ذلك ، كل ذا مع ظهور الروايات المعتبرة في خلاف ذلك ، ففي صحيح ابن مسلم عن أحدهما عليهماالسلام (١) قلت : « فالذي يغسله يغتسل ، قال : نعم ، قلت : فيغسله ثم يلبسه أكفانه قبل أن يغتسل ، قال : يغسله ثم يغسل يديه من العاتق ثم يلبسه أكفانه ثم يغتسل » وفي صحيح يعقوب ابن يقطين عن الرضا عليهالسلام (٢) « ثم يغسل الذي غسله يده قبل أن يكفنه إلى المنكبين ثلاث مرات ، ثم إذا كفنه اغتسل » وفي خبر عمار عن الصادق عليهالسلام (٣) « تغسل يديك إلى المرافق ورجليك إلى الركبتين ثم تكفنه » وعن الخصال عن أبي بصير وابن مسلم عن الصادق عليهالسلام (٤) عن أمير المؤمنين عليهالسلام « من غسل منكم ميتا فليغتسل بعد ما يلبسه أكفانه ».
وتنزيل هذه الأخبار ـ على إرادة الترتيب في المستحب بالنسبة إلى قلة الثواب وعدمه ، فما فيها دون الاغتسال أو الوضوء وإن كان مختلفا في نفسه أيضا ، إذ غسل اليد من العاتق أفضل من كونه من المرفق ، وهو مع الركبتين أفضل منه مجردا ، أو على عدم التمكن من الاغتسال إما لخوف فساد الميت أو غير ذلك ـ تصرف لا شاهد عليه ، ولا معارض يلجأ إليه ، كدعوى إضافة ما فيها إلى ذلك مخيرا بينها ، فيكون المستحب أحد أمور ثلاثة : الاغتسال أو الوضوء أو غسل اليدين إلى المنكبين ، ولعله
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٣٥ ـ من أبواب التكفين ـ حديث ١.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٢ ـ من أبواب غسل الميت ـ حديث ٧ وهو خبر يعقوب عن العبد الصالح عليهالسلام.
(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٣٥ ـ من أبواب التكفين ـ حديث ٣.
(٤) الوسائل ـ الباب ـ ١ ـ من أبواب غسل المس ـ حديث ١٣.