والتصبر ، وكان الوجه في كراهة قول : « ترحموا » ونحوه ما فيه من الاشعار بذنب الميت وتحقيره ، وكيف كان فلا ريب أن الاحتياط في ترك ذلك كله تفصيا من الوقوع في المكروه ، وإن كان الوجه في بعضها لا يخلو من غموض.
نعم يستثنى من كراهة وضع الرداء صاحب المصيبة ، لقول الصادق عليهالسلام في مرسل ابن أبي عمير (١) : « ينبغي لصاحب المصيبة أن يضع رداءه حتى يعلم الناس أنه صاحب المصيبة » وفي خبر أبي بصير (٢) : « ينبغي لصاحب المصيبة ان لا يلبس رداء ، وإن يكون في قميص حتى يعرف » وفي خبر حسين (٣) « لما مات إسماعيل بن أبي عبد الله خرج أبو عبد الله عليهالسلام فتقدم السرير بلا رداء ولا حذاء » والمراد بوضعه عدم نزعه إن كان ملبوسا ، وعدم لبسه إن كان منزوعا ، بل يقتضي التعليل المذكور استحباب تغيير هيئة اللباس سيما في البلاد التي لا يعتاد فيها لبس الرداء.
بل قد يستفاد من مرسل الفقيه (٤) وضع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم رداءه في جنازة سعد بن معاذ ، فسئل عن ذلك ، فقال : « إني رأيت الملائكة قد وضعت أرديتها فوضعت ردائي » استحباب نزعه لغيره في جنازة الأعاظم من الأولياء والعلماء ، وعن ابن الجنيد التمييز بطرح بعض الزي بإرسال طرف العمامة ، وأخذ مئزر من فوقها على الأب والأخ ، ولا يجوز على غيرهما ، وفيه أنه لا دليل على الخصوصية ، ولعله لذا منعه ابن إدريس ، كما أن ما عن ابن حمزة من المنع هنا مع تجويزه الامتياز واضح الضعف ، ضرورة أولويتهما بذلك من غيرهما ، وكذا ما عن أبي الصلاح من أنه يتخلى ويحل أزراره في جنازة أبيه وجده خاصة ، لما سمعته من إطلاق النصوص (٥) التي منها أيضا يستفاد استحباب الحفاء لصاحب المصيبة ولا بأس به والله العالم.
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٢٧ ـ من أبواب الاحتضار ـ حديث ٨.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٢٧ ـ من أبواب الاحتضار ـ حديث ١.
(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٢٧ ـ من أبواب الاحتضار ـ حديث ٧.
(٤) الوسائل ـ الباب ـ ٢٧ ـ من أبواب الاحتضار ـ حديث ٤.
(٥) الوسائل ـ الباب ـ ٢٧ ـ من أبواب الاحتضار.