قلت : هو لا يخلو من تأمل ، نعم قد يجوز في تعزية الذمي ، كما أنه يجوز أخلف الله عليك ، ولا نقص عددك ، قاصدا به كثرة الجزية كما قيل ، فتأمل.
وإذ قد ظهر لك تمام الكلام في التعزية بقي شيء نبه المصنف عليه كجماعة من الأصحاب منهم الشيخ وابن إدريس ، وهو انه يكفي في حصول ثواب التعزية أن يراه صاحبها لما أرسله الصدوق (١) عن الصادق عليهالسلام « كفاك من التعزية أن يراك صاحب المصيبة » ولو لا ذلك لأمكن المناقشة فيه لعدم صدق اسم التعزية عليه ، والمراد بكفايته إنما هو حصول ثواب التعزية في الجملة لحضوره وإن لم يتكلم ، وإلا فلا ريب في عدم حصول ثواب الفرد الأفضل منها بذلك ، كما هو واضح.
ولما فرغ من الكلام على المسنونات شرع في الكلام في المكروهات ، ( فمنها ) أنه يكره فرش القبر بالساج إلا لضرورة بلا خلاف أجده ، بل في الذكرى ومجمع البرهان وعن جامع المقاصد وروض الجنان نسبته إلى الأصحاب مشعرين بدعوى الإجماع ، ولعل ذلك ـ مع ما عساه يشعر به إجماع المبسوط على كراهة التابوت أي دفنه في التابوت ، وسؤال مكاتبة علي ابن بلال أبا الحسن عليهالسلام (٢) « أنه ربما مات الميت عندنا وتكون الأرض ندية فيفرش القبر بالساج ، أو يطبق عليه ، فهل يجوز ذلك؟ فكتب ذلك جائز » كاشعار التعليل المروي عن دعائم الإسلام (٣) عن علي عليهالسلام « أنه فرش في لحد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قطيفة لأن الأرض كان نديا سبخا » واستحباب وضع الخد على الأرض ، وما في وضعه على الأرض من الخشوع والخضوع ما يرجى بسببه الرحمة له ، وما عساه يظهر من فحاوي الكتاب والسنة من
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٤٨ ـ من أبواب الدفن ـ حديث ٤.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٢٧ ـ من أبواب الدفن ـ حديث ١.
(٣) المستدرك ـ الباب ـ ٢٧ ـ من أبواب الدفن ـ حديث ١.