رجلا من الأنصار مات فشهده رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال : خضروه ما أقل المخضرين يوم القيامة ، فقلت لأبي عبد الله عليهالسلام : وأي شيء التخضير؟ قال : تؤخذ جريدة رطبة قدر ذراع فتوضع ، وأشار بيده إلى عند ترقوته تلف مع ثيابه » الاجتزاء بالواحدة ، ومن هنا قال في الوسائل : « إن هذا محمول على جواز الاقتصار على الواحدة ، ويأتي مثله كثيرا » انتهى. لكنه حكي عن الصدوق أنه قال بعد ذكره الحديث : « جاء هذا الخبر هكذا ، والذي يجب استعماله أن يجعل للميت جريدتان من النخل خضراوتان » قلت : وهو كالصريح فيما ذكرنا ، وظني أن المراد بالخبر انما هو أصل بيان التخضير من غير نظر إلى الاتحاد أو التعدد ، كما أن الظاهر من كثير من تلك الأخبار التي أشار إليها في الوسائل منها الحسن كالصحيح (١) « قيل لأبي عبد الله عليهالسلام : لأي شيء توضع مع الميت الجريدة؟ » والموثق عنه (ع) أيضا (٢) « يستحب أن يدخل معه في قبره جريدة » وغيرها (٣) إرادة الجنس لا الواحدة ، فلا منافاة ، وبه تشعر بعض الأخبار أيضا (٤) حيث نص فيها على الجريدتين ، ثم يقول بعد ذلك : وأما الجريدة إما اعتمادا على ما سبق له أو على معروفية الأمر بين الشيعة حتى امتازوا به عن مخالفيهم ، فتأمل جيدا.
ثم ان ظاهر إطلاق المصنف كإطلاق كثير من الأخبار الاجتزاء بالجريدة سواء كانت ذراعا أو عظمه أو شبرا أو أربع أصابع ، وبه صرح في الذكرى ، وتبعه بعض متأخري المتأخرين معللا له بثبوت أصل المشروعية مع عدم قاطع على قدر معين ، قلت : لكن المشهور كما في الذكرى وجامع المقاصد وغيرهما تقدير كل واحدة منهما بعظم الذراع ، إلا أنه اعترف بعضهم بعدم الوقوف له على مستند ، وربما يحتج له بعد
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٧ ـ من أبواب التكفين ـ حديث ٧.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٧ ـ من أبواب التكفين ـ حديث ٨.
(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٧ ـ من أبواب التكفين ـ حديث ٤.
(٤) الوسائل ـ الباب ـ ٧ ـ من أبواب التكفين ـ حديث ١.