أبي بصير (١) من الأمر فيه بغسل موضع الوضوء منها ، لكن يمكن حمله على ما عدا الذراعين والقدمين ، وقال الشيخ في الاستبصار بعد ذكر هذه الأخبار : « إن الوجه فيها أن تحمل على ضرب من الاستحباب » انتهى. قلت : ولعل الأحوط دفنها مع عدم فعل شيء من ذلك بها ، للأمر بالدفن كما هي في الأخبار السابقة لظهور التشبيه فيه بذلك.
ثم الظاهر من أخبار الباب وجملة من كلمات الأصحاب بل ادعي الإجماع على اشتراط المماثلة في غير ما استثني أن ما ذكرناه من عدم تغسيل الرجل الأجنبية ليس لكونه منهيا عن النظر واللمس فيفسد لذلك وإن ذكره بعضهم مؤيدا للحكم ، بل الظاهر أن المراد شرطية المماثلة أو المحرمية أو الزوج تعبدا ، فلا يصح حينئذ وإن اتفق وقوعه على وجه غير محرم ، حتى لو قلنا بعدم اشتراط النية في التغسيل ، إذ أقصى ما يخرجه ذلك عن حكم العبادات لا غير ، فتأمل.
فظهر لك من جميع ما ذكرنا أنه لا يغسل الرجل الأجنبية ، نعم استثنى المصنف من ذلك تبعا لغيره بنت الأقل من ثلاث سنين ، فقال إلا ولها دون ثلاث سنين كما عن المبسوط والإصباح ، ولعل المراد بنت ثلاث سنين فما دون ، فيرجع إليه حينئذ ما في الوسيلة والسرائر والجامع والنافع والقواعد والإرشاد والمنتهى والذكرى والبيان والدروس وغيرها من جواز تغسيل الرجل الأجنبي بنت الثلاث فما دون ، بل في التذكرة ونهاية الأحكام والروض الإجماع عليه ، ويشهد له التتبع لكلمات الأصحاب إذ لم أجد فيه خلافا بين أصحابنا المتقدمين والمتأخرين سوى ما يظهر من المصنف في المعتبر ، حيث قال بعد مناقشة فيما ذكر من المستند لذلك : « فالأولى المنع والفرق بين الصبي والصبية ، لأن الشرع أذن في الاطلاع للنساء على الصبي لافتقاره إليهن في التربية وليس كذلك الصبية ، والأصل حرمة النظر » انتهى. وظاهره عدم الفرق في ذلك بين
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٢٢ ـ من أبواب غسل الميت ـ حديث ٦.