حالتي الاختيار والاضطرار ، بل ولا بين كونه من وراء الثياب وعدمه ، وإن كان ربما يشعر تعليله بالثاني من الثاني ، إلا أنه حيث كان لا دليل عنده على جوازه من وراء الثياب أشكل الحكم به من حيث حصول النجاسة.
وكيف كان فلا ينبغي الإشكال في ضعفه بعد ما عرفت من الإجماع المنقول المعتضد بالتتبع لكلمات الأصحاب ، وبالأصل والإطلاقات ، وبما في الفقيه (١) قال : « ذكر شيخنا محمد بن الحسن في جامعه في الجارية تموت مع رجال في السفر ، قال : إذا كانت ابنة أكثر من خمس سنين أو ست دفنت ولم تغسل ، وإن كانت بنت أقل من خمس غسلت قال : وذكر عن الحلبي (٢) حديثا في معناه » وفي الذكرى « أنه أسند الصدوق في كتاب مدينة العلم ما في الجامع إلى الحلبي عن الصادق عليهالسلام » انتهى.
ولا ينافي الاستدلال بالشرط الأخير الترديد بالخمس أو الست في الأول ، كما لا ينافيه شموله أيضا للزائدة على الثلاث إن لم نقل به ، ولا ما في التهذيب أيضا قال : ( وروى محمد بن أحمد بن يحيى (٣) مرسلا ، قال : « روي في الجارية تموت مع الرجال ، فقال : إذا كانت بنت أقل من خمس سنين أو ست دفنت ولا تغسل » ـ ثم قال بعدها ـ : يعني ولا تغسل مجردة عن ثيابها ) انتهى.
قلت : وأولى منه ما حكاه في الذكرى عن ابن طاوس من أن ما في التهذيب من لفظ ( أقل ) وهم ، ومن العجيب أنه ظن في المعتبر أن الشيخ استدل بها على المطلوب وقد عرفت أنها ظاهرة أو صريحة في منافاته ، كما أنه ظن انحصار دليل الحكم فيها ، ولذا قال بعد ذكرها : « والرواية مرسلة ومتنها مضطرب ، فلا عبرة بها ، ثم لا نعلم القائل » انتهى. وأعجب من ذلك كله استناده في المنع إلى أصالة حرمة النظر ، مع
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٢٣ ـ من أبواب غسل الميت ـ حديث ٤.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٢٣ ـ من أبواب غسل الميت ـ حديث ٤.
(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٢١ ـ من أبواب غسل الميت ـ حديث ٥.