خلافه بالنسبة للأب والجد ونحوهما مما ستعرفه فيما يأتي ، بل قد يظهر من الأصحاب الإجماع على عدم اعتبار ذلك كما سيأتي في الصلاة ، لكن الإنصاف أن الأقربية وأشدية العلقة لا تخلو من إجمال أيضا في بعض الأحوال عند أهل العرف ، كما أنها غالبا توافق ما عليه الأصحاب من ترتيب ذلك على طبقات الإرث ، فالوقوف حينئذ معهم هو المتجه.
نعم يحتمل قويا أن المراد بالولي هنا مطلق الأرحام والقرابة لا خصوص طبقات الإرث ، لكنا لم نجد أحدا صرح به ، ولعله لما في أخبار الصلاة (١) والغسل أيضا من الحكم بأولوية بعض الأرحام على بعض ، مع إمكان تنزيله على صورة التشاح خاصة ، فتأمل جيدا هذا. وفي المدارك أنه لا يبعد أن يراد بالأولى بالميت هنا أشد الناس به علاقة ، لأنه المتبادر ، وتبعه عليه بعض من تأخر عنه ، وهو الذي أشرنا إليه سابقا ، وفيه ما لا يخفى بعد ما سمعت ، لكنه رده في الحدائق بما لا يكاد يظهر لنا استقامته ، حيث قال : « إن ذلك منه مبني على أن المراد بقولهم عليهمالسلام في تلك الأخبار : ( أولى الناس به ) معنى التفضيل ، فتوهم أن المتبادر من الأولوية على هذا التقدير الأولوية بالقرب وشدة العلاقة ، وليس كذلك ، بل المراد بهذا اللفظ انما هو الكناية عن المالك المتصرف ، والتعبير عنه بذلك قد وقع في جملة من أخبار الغدير ـ إلى أن قال ـ وبذلك يظهر أن ( الأولى ) في أخبار الميت من أخبار الغسل والصلاة وغيرها انما هو بمعنى المالك المتصرف ، وهو بمعنى الولي كما في ولي الطفل وولي البكر » انتهى. وفيه ما لا يكاد يخفى على من له أدنى مسكة من أن ما تقدم من الأخبار المتعلقة بالمقام صريحة في إرادة التفضيل من الأولى ، فإن كان ذلك هو مبنى صحة ما في المدارك فلا إشكال حينئذ في استقامته ، مع أن الأصحاب وإن قالوا إن المراد به الأولى بالميراث لم ينكروا إرادة
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٢٠ ـ من أبواب غسل الميت ـ حديث ٦ و ١١ والباب ـ ٢٤ ـ من أبواب صلاة الجنائز.