من صاحب المدارك في أصل الحكم معللا له بنص الشيخ على واقفية الفضل ، إذ ذلك لا يمنع من العمل به عندنا ، مع أنه قد يقال : إن قضاء الدين من الزكاة يقضي بالأولوية في الكفن ، فتأمل.
( وكذا ما يحتاج إليه الميت من كافور وسدر وغيره ) من مؤنة ، فإنها تؤخذ من أصل المال ، وإن لم يكن له مال دفن بدونها إلا أن يكون بيت مال ، ولا يجب على أحد من المسلمين بذلها ، بل يستحب كما صرح بذلك جماعة من الأصحاب منهم العلامة والشهيد الأول والمحقق الثاني وغيرهم ، بل في الخلاف الإجماع على الكفن ومئونة الميت من أصل التركة ، وفي المدارك « أما الوجوب من أصل المال فظاهر ، لأن الوجوب متحقق ، ولا تحل له سوى التركة إجماعا » انتهى. قلت : ومنهما سيما الأخير ومما تقدم في الكفن لعدم ظهور قائل بالفرق يستفاد عدم وجوب شيء من ذلك على أحد مع فقد التركة ، كما أنه بالتأمل في جميع ما ذكرنا يظهر لك أنه لا مجال لاحتمال وجوب شيء من المؤن على أحد تمسكا بإطلاق الأوامر ، فتجب حينئذ من باب المقدمة ، إذ قد اتضح لك أن المراد بهذه الأوامر كلها إنما هو مجرد العمل من دون بذل شيء من المال من غير فرق بين القليل كأجرة القدوم ونحوه والكثير والقريب والبعيد ، لكن ليعلم أن المراد بالمؤن التي تؤخذ من أصل المال إنما هي المؤن التي لم تحصل بسبب مخالفة الشارع كالسدر والكافور ونحوهما ، أما ما كان كذلك كما لو منع الظالم من مطلق دفن الميت أو في أرض مخصوصة مع عدم التمكن من غيرها إلا بدراهم أو امتنع من يجب عليه تغسيله إلا بأجرة ونحو ذلك فلعل الأقوى عدم أخذها من أصل المال ، للأصل مع عدم الدليل ، ويحتمل ذلك تمسكا بإطلاق المئونة في معقد الإجماع ، وهو ضعيف لانصرافها إلى غير ذلك ، أما لو كان المنع أو الامتناع السابقان عن خاص وإلا فيمكن غيرهما فلا يجب من أصل المال قطعا ، ولم أجد نصا من الأصحاب في خصوص ما نحن فيه ،