كما أن المتجه بناء على المختار وجوب الغسل بمسه على ما صرح به في الكتب السابقة ، بل صرح في بعضها بذلك أيضا في كل غسل شرع للضرورة ، قال : وبالأولى التيمم ، وكأنه للاستصحاب وعدم إفادة مثل ذلك طهارة للميت ، لكن قد يناقش فيه بظهور الأدلة في قيام الاضطراري من الطهارات مقام الاختياري ، كما في وضوء الجبائر والأقطع وغسلهما ونحو ذلك ، وخصوصا في التيمم ، لما دل على « أنه بمنزلة الماء » (١) و « انه أحد الطهورين » (٢) ونحوهما ، لكن قد يدفع الأخير بأن وجوب الغسل بالمس انما هو للنجاسة التي لا ترتفع بالتيمم ، على أن مبدل التيمم هنا ليس ماءا فقط ، بل هو مع ماء السدر والكافور ، ولا دليل على حصول حكمهما بعد تعذرهما بالتيمم ، وهو قوي ، ومنه ينقدح الفرق بين الميمّم وغيره ، فيجب الغسل بمس الأول دون الثاني بشرط عدم حصول التمكن قبل الدفن ، وإلا فيجب أيضا ، لانكشاف عدم الاجتزاء به حينئذ ، إلا انا لم نقف على هذا التفصيل لأحد من الأصحاب ، ولعله لعموم أو إطلاق ما دل (٣) على وجوب الغسل بمس الميت حتى يغسل ، وهو منصرف إلى المتعارف المعهود ، وهو الغسل الاختياري دون غيره مما لم يظهر من الأدلة قيامه مقامه في جميع ثمراته وأحكامه ، ومجرد الإلزام بوجوبه وعدم السقوط بتعذر البعض لا يقضي بذلك ، فمن هنا كان الأولى ما عليه من عرفت من الأصحاب وإن كان ما سبق منا لا يخلو من قوة ، فتأمل جيدا.
ثم ان ظاهر الأصحاب والأخبار (٤) أنه لا يقوم شيء مقام السدر في الاختيار والاضطرار ، لكن حكي عن العلامة في التذكرة والنهاية أنه قال : « إذا تعذر السدر
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٢٠ ـ من أبواب التيمم ـ حديث ٣.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٢١ ـ من أبواب التيمم ـ حديث ١.
(٣) الوسائل ـ الباب ـ ١ ـ من أبواب غسل المس ـ حديث ٥.
(٤) الوسائل ـ الباب ـ ٢ ـ من أبواب غسل الميت.