مع نفي الخلاف السابق في المنتهى إيجاب تحنيط الصدر أو إيجاب وضع الزائد عليه ، لكنه لا يخفى عليك ضعفه إن أراده سيما الأول ، بل ينبغي القطع بعدم إرادتهما له ، لاناطتهما له بالزيادة الغير اللازمة ، فتأمل جيدا.
والمراد بالمسح بالحنوط هو المسح بما تيسر من الكافور مما يصدق معه المسح به ، ولا مقدر للواجب فيه على المشهور بين المتأخرين ، للأصل وإطلاق كثير من الأدلة مع قصور أكثر ما دل (١) على التقدير سندا بل ودلالة في جملة منها على الوجوب مع التصريح بالفضل في بعضها ، واختلاف الجميع في المقادير قلة وكثرة ، كاختلاف الأصحاب ، فيتجه حينئذ حملها على الاستحباب ، لقصورها عن تقييد تلك المطلقات المنجبرة بالشهرة بين المتأخرين ، بل قد يظهر من جماعة من متأخريهم كما هو صريح الرياض أنه ليس محل خلاف يعرف ، وربما يؤيده دخوله تحت معقد جملة من الإجماعات خصوصا إجماع التذكرة وإن كانت ليست مساقة لبيانه ، انما هي لوجوب الحنوط ، وكأنهم حملوا خلاف الأصحاب فيما يأتي بالنسبة للأقل درهم أو مثقال أو مثقال وثلث على إرادة أقل الفضل كما هو ظاهر المتن والقواعد وغيرهما ، بل هو ظاهر معقد نفي علم الخلاف عنه في المعتبر ، لكن قد يأبى ذلك بعض عبارات من نسب إليه الخلاف ، لظهورها في عدم الاجتزاء بالأقل من مقدار الأقل سواء كان ذلك منهم تقديرا للمسمى أو أنه تقدير شرعي وإن تحقق المسمى بأقل منه ، منها عبارة الصدوق في الفقيه ، قال : ما حاصله « والكافور السائغ للميت وزن ثلاثة عشر درهما وثلث ، فمن لم يقدر فأربعة مثاقيل ، فان لم يقدر فمثقال لا أقل منه لمن وجده » وأصرح منه ما حكاه في المعتبر عن المفيد في الأعلام وأقل ما يحنط به الميت درهم ، إلى غير ذلك. ويؤيده ما في الذكرى وجامع المقاصد والروض ، حيث فهموا النزاع في ذلك بالنسبة للواجب ، قال في الأول :
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٣ ـ من أبواب التكفين.