اعتبار ذلك فيه شرعا وغيره ولعل الخصم انما ينازع في الحكم مع تسليم دخوله في الشهيد حقيقة ، كما هو ظاهر عبارة المصنف رحمهالله من كون الوصف مخصصا ، فحينئذ يكون ما علق فيه الحكم على الشهيد شاهدا للمختار لا عليه ، ومن هنا قد استدل في الذكرى بعموم لفظ الشهيد ، وما في كشف اللثام من انه قد يمنع ممنوع ، قال في القاموس : « الشهيد القتيل في سبيل الله تعالى لأن ملائكة الرحمن تشهده ، أو لأن الله تعالى وملائكته شهود له بالجنة ، أو لأنه ممن يستشهد به يوم القيامة على الأمم الخالية ، أو لسقوطه على الشهادة أي الأرض ، أو لأنه حي عند ربه حاضر ، أو لأنه يشهد ملكوت الله وملكه » انتهى. وفي المغرب « قال النضر : الشهيد الحي ، كأنه تأول قوله تعالى (١) ( وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ ) كأن أرواحهم احتضرت دار السلام ، وأرواح غيرهم لا تشهدها الى يوم القيمة ، وقال أبو بكر : سموا شهداء لأن الله تعالى وملائكته شهود له بالجنة ، وقال غيره سموا شهداء لأنهم ممن يستشهد به يوم القيامة مع النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم على الأمم الخالية » انتهى ، هذا.
مع انه لا ريب في ثبوت الاستعمال للفظ الشهيد فيما نحن فيه ، والأصل فيه هنا الحقيقة بدعوى الوضع للكلي الشامل له وللمقتول بين يدي الإمام عليهالسلام إذ هو خير من المجاز ، ويؤيد ذلك أيضا الصدق العرفي حقيقة ، وهو كاشف عن غيره حتى لو كان المعنى شرعيا من غير فرق بين القول بوضعه له شرعا أولا ، إذ العرف المتشرعي ضابط للمراد الشرعي مجازا كان أو حقيقة ، فتأمل جيدا. نعم قد يشعر قوله عليهالسلام في مضمر أبي خالد : « إلا ما قتل بين الصفين » باعتبار تقابل العسكرين في جريان خصوص هذا الحكم على الشهيد ، فلا يشمل من قتل من المسلمين بدون ذلك
__________________
(١) سورة آل عمران ـ الآية ١٦٣.