« الغسل في سبعة عشر موطنا ـ إلى قوله (ع) ـ : وإذا غسلت ميتا أو كفنته أو مسسته بعد ما يبرد » ونحوه في حسنه عن الباقر عليهالسلام (١) لكن بإبدال « أو » بالواو على ما حضرني من نسخة الوسائل ، فيقوى حينئذ جعلها في الصحيح بمعنى الواو فلا ينافي إرادة غسل المس ، مضافا إلى أن ظاهره وقوع الغسل بعد التكفين ، فتأمل جيدا.
وكذا الظاهر من فحاوي بعض كلمات الأصحاب أيضا أن هذا الوضوء انما هو الوضوء الذي يفعل مع غسل المس لرفع الأصغر بناء على توزيع الفعلين على الحدثين ، فالغسل للأكبر ، والوضوء للأصغر ، فحينئذ لا ينبغي الإشكال في صحة استباحة الصلاة به وغيرها مما يشترط بالطهارة إذا تعقبه بعد ذلك ما يرفع الحدث الآخر ، ولا حاجة إلى نية الرفع أو الاستباحة به بناء على ما هو التحقيق من الاكتفاء بنية القربة ، وأما بناء على اعتبارهما فلا يحصل للوضوء حينئذ صحة بحيث يترتب عليه إتيان التكفين على الوجه الأكمل بدون نيتهما ، اللهم إلا أن يقال : إن نية التكفين تقوم مقام نية رفع الحدث أو الإباحة ، لانصرافها إلى أراه وقوعه على الوجه الأكمل الذي لا يحصل إلا بذلك ، نظير ما قالوه في الوضوء لقراءة القرآن ونحوها مما يستحب لها الطهارة.
لكن قال العلامة في القواعد : والأقرب عدم الاكتفاء بهذا الوضوء في الصلاة إذا لم ينوبه ما يتضمن رفع الحدث ، وعلله بعض شارحي كلامه أن التكفين مشروع بدونه ، فلا يستلزم نيته نية رفع الحدث ، وفيه نظر من وجهين : الأول أنه لا وجه حينئذ للحكم بصحة الوضوء حتى بالنسبة للتكفين بناء على القول باشتراط صحته بنية الرفع أو ما يستلزمها ، والثاني أن مشروعيته بدون الوضوء لا ينافي ما ذكرناه من الانصراف الذي يكتفي بمثله كما في قراءة القرآن ، وربما يدفع ذلك بأن المراد بهذا الوضوء وضوء خاص للتكفين ، فيكتفى به حتى لو كان صوريا لا الوضوء الذي يشترط فيه ذلك ، إذ هو
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ١ ـ من أبواب الأغسال المسنونة ـ حديث ٤.