وقف على مدلول هذا اللفظ ، ففي بطلان الوقف أو صرفه إليهما ، أو أحدهما أقوال ».
وفيه إنه لا وجه لتعيين الرجوع اليه ، بناء على أن اللفظ ظاهر ينصرف إليه ، كما أنه لا بد من التأمل في تصور المسألة هنا ، حيث يقول إني لم أقصد شيئا مع أنك قد عرفت فيما سلف الإجماع على اعتبار معلومية الموقوف عليه وتمييزه ، ولو بجهة العموم ، ضرورة اعتبار قصد إنشاء التمليك للمنفعة ، أو مع العين منه ، خصوصا في الوقف الخاص المحتاج إلى قبول للإنشاء الذي توجه إليه على أن المشترك اللفظي لا مدلول له بالخصوص يحمل عليه من دون قصد.
وعلى كل حال فالأمر في ذلك سهل ، إذ يكفي في ذلك تصور المسألة الصورة الأولى : وحكمها عند المصنف وجماعة أنه إذا كان كذلك انصرف الوقف إليهما وفاقا للمشهور ، كما عن الدروس ، وهو مبنى على جواز استعمال المشترك في أكثر من معنى مطلقا أو إذا كان للفظ الجمع ، وأنه يحمل على إرادة جميع المعاني مع التجرد عن القرائن مطلقا ، وإذا كان بلفظ الجمع الذي لا يعتبر فيه ـ وفي التثنية ـ اتفاق المعنى ، كما صرح به بعض النحويين ، لأنه بمثابة العطف بالواو ، خلافا لجماعة فأبطلوه ، بناء على عدم جواز استعمال المشترك في أكثر من معنى وان كان بلفظ الجمع أو على عدم حمله على الجميع مع التجرد.
قال في المسالك : « وإن قلنا بعدم حمله على معانيه حقيقة بطل ، لعدم تعين مصرفه ، سواء جوزنا جمع المشترك بجميع معانيه أم لا ، أما على الأول فظاهر ، وأما على الثاني فلأنه حينئذ بمنزلة المفرد المشترك ، وحكمه كذلك ، وتبعه عليه غيره ».
قلت : قد حققنا في الأصول جواز استعمال المشترك في أكثر من معنى واحد لكن على جهة المجاز ، وأن المعتبر في الجميع اتفاق المعنى مع اتفاق اللفظ ، وأنه لا يحمل اللفظ المشترك على الجميع مع التجرد عن القرائن ، بل على معنى واحد منها بخصوصه ، إلا أنه مع ذلك كله قد يقال : بالصحة في المقام ، ويستخرج الموقوف عليه بالقرعة ، بعد فرض اجتماع باقي شرائط الصحة فيه ، إذ إجمال الموقوف عليه في الظاهر لا يقتضي بطلان الوقف ، بل هو كالمشتبه في الأثناء.