به ، مع أن المحكي عن أبي حنيفة أنه قال : إن أوصى بالوقف لزم في الثلث ، وفي الخلاف ، تناقض ، لأنه جعله لازما في ثلثه في مرضه المخوف ، ولم يجعله إذ أنجزه لازما في جميع ما له في حال صحته ، وإن كان قد يفرق بينهما ، بعد تسليم ارادة لزوم الوقف منه ، هذا.
ولكن للمفيد في المقنعة ما ينافي بظاهره لما ذكرنا قال : « الوقوف في الأصل صدقات لا يجوز الرجوع فيها إلا أن يحدث الموقوف عليهم ما يمنع الشرع من معونتهم ، والقرب إلى الله سبحانه وتعالى بصلتهم أو يكون تغير الشرط في الوقف إلى غيره أرد عليهم وأنفع لهم من تركه على حاله ، وإذا أخرج الواقف الوقف عن يده إلى من وقفه عليه لم يجز له الرجوع في شيء منه ، ولا يغير شرائطه ولا نقله من وجوهه وسبله » وعن ابن إدريس انه أطال في رده ، ويمكن أن يكون ذلك منه بناء على اعتبار بقاء صلاحية الموضوع للتقريب في الموقوف ، فيكون انتفاء الوصف المزبور حينئذ مقتضيا لانتفاء الموقوف عليه المقتضى لبطلان الوقف بناء على مختاره من عدم اعتبار التأييد فيه ، والأمر سهل بعد وضوح الحال ، والله العالم.
هذا كله لو وقف في زمان الصحة أما لو وقف في مرض الموت فإن أجازه الورثة نفذ من الأصل وإلا اعتبر من الثلث لكونه حينئذ ( كـ ) باقي منجزاته من الهبة والمحاباة في البيع ونحوهما وقيل يمضى من أصل التركة ولا ريب في أن الأول أشبه كما أوضحنا ذلك مفصلا في كتاب الحجر وكتاب الوصايا وحينئذ فـ ( لو وقف ووهب وأعتق وباع فحابى ولم يجز الورثة ، فإن خرج ذلك من الثلث ، صح وإن عجز بدئ بالأول فالأول ) لأنه هو السابق في التعلق حتى يستوفى قدر الثلث ثم يبطل ما زاد خلافا للمحكي عن الفاضل في المختلف فبسط الثلث على الجميع فارقا بين المنجزات والوصايا ، وضعفه واضح.
وهكذا لو أوصى بوصايا ، ولو جهل المتقدم قيل والقائل الشيخ في المحكي عن مبسوطة ، لكن فيما إذا أوصى يقسم على الجميع بالحصص لعدم الترجيح بعد قيام احتمال التقدم المعلوم كونه في أحدها في كل منها ، وبذلك يكون الفرض كالمنجزات التي لم يعلم التقدم في أحدها المحكوم فيها بالاقتران لأصالة عدم تقدم كل منها على الآخر ، كما هو قضية