قيل وظاهر احتجاجه بالحديث لفتواه عمله بمضمونه إذ لو لا ذلك لكان احتجاجه بالأخبار التي ذكرها هو في التهذيب كرواية أبي الصباح وغيرها أولى ، وفيه أنه يمكن إرادة إثبات أصل المشروعية الذي أفتى به بالخبر المزبور ، ومن ثم لم يذكروا خلافه ، بل عن بعض نسخ الكتاب أنها خالية عن لفظ الأشبه.
نعم يحكى عن فقه القرآن للراوندى الفتوى بمتن الخبر المذكور ، من دون نسبة إلى رواية ، ولا ريب في ضعفه ، ضرورة كون الخبر عاميا معرضا عنه منافيا لظاهر النصوص المزبورة ، بل ولأصول المذهب وقواعده ، إذا أريد النقل إليه وإن لم يقصده الناقل. والله العالم.
وإذا عين للسكنى مدة ، لزمت بالقبض لما عرفته سابقا ولا يجوز الرجوع فيها إلا بعد انقضائها ، وكذا لو جعلها عمر المالك لم ترجع السكنى وإن مات المعر بالفتح لجميع ما تقدم من أدلة اللزوم ، وحينئذ فـ ( ينتقل ما كان له إلى ورثته ) كغيرها من الحقوق والأملاك ، حتى يموت المالك بل عن الشيخ في الخلاف أن عليه إجماع الفرقة وأخبارهم ، معتضدا بما في المسالك وعن غيرها من نفي الخلاف فيه.
وإن كان قد يناقش بما عن المصنف في المحكي من نكت النهاية قال : « إن الذي يرجح في ذهني أنه لا تكون لعقبه السكنى إلا إذا جعلها له ولعقبه بعد ، ولو جعل السكنى له مدة حياة المالك ولم يتلفظ بجعلها العقبة ، ومات المجعول له بطلت السكنى ، لأنه ليس بتمليك ، بل هو أشبه شيء بالإباحة ، فلا يتعدى المجعول له وما ذكره في النهاية مطالب بدليله ».
وفيه : إن الدليل ما عرفت من الإجماع المزبور وغيره ، وبل خبر محمد بن قيس (١) ، في أحد احتماليه قضى في العمرى أنها جائزة لمن أعمرها ، فمن أعمر شيئا ما دام حيا فإنه لورثته إذا توفي.
لكن الإنصاف عدم خلو كلامه من قوة بناء على ما تسمعه من ظهور إطلاق السكنى في سكناه خاصة ، ومن يتبعه في العادة ، وأنه ليس له إسكان غيره ، ولا إجارته ، اللهم إلا أن
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٨ ـ من أبواب أحكام السكنى الحديث ـ ٢.