والكفاية عدم الفرق بين تلف الكل أو البعض وإن كان قد يشكل ذلك فيما يصدق عليه قيام الهبة بعينها كتلف الظفر ونحوه ، ولعلهم لا يريدونه ، كما يشهد له التعليل في المسالك لما ذكره بان العين مع تلف جزء منها لا تعد قائمة بعينها بل لعلهم لا يريدون أيضا تلف بعض الموهوب المتعدد كعبدين ونحوهما ، اللهم إلا أن يقال : إنه وإن تعدد فهو هبة واحدة ، والمدار على قيامها.
وفيه ان الأصل جواز الرجوع ، والفرض محل شك ـ فيبقى على مقتضاه اقتصارا في الخارج منه على المتيقن والله العالم.
وكذا لا رجوع بها إن عوض عنها ولو كان العوض يسيرا بلا خلاف أجده فيه حتى من المرتضى بل الإجماع بقسميه عليه ، بل المحكي منه مستفيض أو متواتر مضافا إلى صحيح عبد الله بن سنان (١) عن أبي عبد الله عليهالسلام « إذا عوض صاحب الهبة فليس له أن يرجع ».
وصحيح عبد الرحمن وعبد الله بن سليمان (٢) المتقدم سابقا ، بل ظاهر إطلاق النص والفتوى عدم الفرق في العوض بين أن يكون في نفس العقد أو بعده بأن أطلق في العقد ثم بذل العوض بعد ذلك.
نعم صرح جماعة باعتبار بذله على أنه عوض ، وقبول الواهب له على ذلك ، إذ هو حينئذ هبة جديدة ، ولا يجب عليه قبولها ، ولا بأس به اقتصارا في الخروج عن أصل الجواز على المتيقن ، ومنه يعلم المناقشة فيما في القواعد وبعض من تأخر عنها ، من الاكتفاء بها ولو كان من بعضها ، بل المتبادر من المعاوضة هو كون أحد العوضين غير الآخر ، والا لزم صدق المعاوضة بدفعها جميعها إليه ، ومن المعلوم كون مثله ردا لا معاوضة ، كما هو واضح.
وهل تلزم الهبة بالتصرف في الموهوب غير المتلف لعينه؟ قيل : والقائل الشيخ والقاضي وأبو الصلاح وصاحب الرائع وابن حمزة في
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٩ ـ من أبواب أحكام الهبات الحديث ـ ١.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٦ ـ من أبواب أحكام الهبات الحديث ـ ١.