ترجيح خيرة المصنف وبطلان القول الآخر حتى ذكر له أدلة عشرة ، وردها أجمع ولكن قد ذكرها على وجه يدخل بعضها في بعض ويسهل الجواب عنها أجمع وظن أن ذلك أقصى ما يقال لهم ، ولا يخفى عليك أنه أطناب في غير محله ، وإنما الأصل في المسألة الصحيح المزبور (١) الذي لا اشكال فيه من حيث السند لأنه وإن عد من قسم الحسن إلا أنه كالصحيح ، بل أعلى من بعض أفراده وتحرير أنه الأصل في الهبة اللزوم ، أو الجواز الذي ستسمعه في المسألة الآتية فمن خص مفهومه بصورة التلف ، اقتصر في اللزوم عليه ، ومن جعل مفهومه أعم من ذلك كما هو الواقع ضرورة كونه أعم منه كما عرفت ، تعدى من التلف إلى غيره مما يدخل في المفهوم المزبور ، بل إليه نظر القائل بالتفصيل الذي نسبوا إلى الدروس وابن حمزة وجماعة ، وهو اللزوم بالخروج عن الملك ، أو تغيير الصورة كقصارة الثوب ونجارة الخشب والوطء للأمة وعدمه بدون ذلك كالركوب والسكنى واللبس ، بل عن ابن حمزة زيادة ولا يقدح الرهن والكتابة بل قيل : ان مقتضى إطلاقه عدم الفرق بين العود إلى ملك الواهب وعدمه ، مع أن غير واحد من الأصحاب جعل في المسألة قولين لا غير ، بل قد سمعت احتمال كون القول فيه واحدا لبعد التزام القول باللزوم بمطلق التصرف كبعد التزام اللزوم في خصوص التلف ، مع أن الصحيح المزبور شامل لغيره قطعا ، ولعله لذا جعل في الدروس التصرف بالخروج عن الملك خارجا عن محل الخلاف كالتلف لكن في المسالك ان التفريع على القول بالجواز مطلقا واضح فيما لا يحصل مع التصرف نقل الملك ، ولا مانع من الرد كالاستيلاد ، أما معهما فمقتضى كلام القائل به جوازه أيضا من غير استثناء ، وعموم الأدلة يتناوله وحينئذ فلا يتسلط على رد العين ، الانتقال الملك إلى غير الموهوب في وقت كان مالكا ، فوقع التصرف صحيحا ، ولكن يرجع إلى قيمة العين ، وفي اعتبار قيمته وقت الرجوع أو وقت النقل وجهان أجودهما الأول ، لأنه وقت انتقال الملك له الموجب للقيمة جمعا بين الحقين ».
وهو من غرائب الكلام ضرورة عدم تعقب الهبة المجانية الضمان المنافي لأصول المذهب وقواعده ، ولعله التزام القائل بفسخ العقد المترتب عليها مع بقاء العين لأنه انتقل إليه ملك
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٨ ـ من أبواب أحكام الهبات الحديث ـ ١.