ومما ذكرنا يظهر لك النظر فيما في المسالك من استحسان الرجوع إلى قوله ، بمعنى أنه إن أخبر عن قصده إرادة البيع وان كان مالكا صح ، وإن قصده لكونه فضوليا لم يصح على تقدير ظهور كونه مالكا لعدم توجه قصده إلى البيع اللازم ولأن هذا أمر لا يمكن معرفته إلا منه ، فيرجع إليه فيه كنظائره.
حتى أنه أشكل قول المصنف وكذا القول فيمن باع مال مورثه وهو يعتقد بقاءه الظاهر في أن مفروض المسألة السابقة حال الجهل أيضا بقرينة التشبيه بما قدمه من عدم قصده إلى البيع اللازم ، وإنما قصد الفضولية ، فينبغي أن يعتبر رضاه به بعد ظهور الحال ، خصوصا مع ادعائه عدم القصد على تقدير كونه مالكا ، ثم قال : « ولعله أقوى لدلالة القرائن عليه ، فلا أقل من احتماله احتمالا مساويا للقصد إلى البيع مطلقا ، فلا يبقى وثوق بالقصد المعتبر في لزوم البيع ».
وفيه : ما لا يخفى بعد الإحاطة بما ذكرناه من عدم تشخيص العقد بذلك وإن قصده ، فيترتب عليه حينئذ ما يقتضيه من الأثر ، إن لزوما فلزوم ، وإن فضولا ففضول ، وحينئذ فلا مدخلية لبيان جمل المطلق على قصد البيع لنفسه وعدمه ، هذا.
وكأن المصنف عطف هذه المسألة على السابقة بقوله « وكذا » مشعرا بالفرق بينهما ، لما ذكرناه أولا من فرض البيع الرجوعي الذي هو المبحوث عنه في أصل المسألة وحينئذ لا إشكال في الفرق بينهما ضرورة قصد البيع لنفسه وقد صادق اجتماع الشرائط في الواقع حتى لو كان جاهلا بالفساد ، بل ولو كان زاعما صحة الهبة ، وكانت لرحم ، لكنه فعل ذلك لزعم جواز الرجوع الذي هو غير مشروع ، وإن كان لا يخلو من اشكال ولعله على ذلك ينزل ما في الدروس فإنه بعد أن حكى عن الشيخ تساوي مسألتي فساد الهبة وبيع مال مورثه في الحكم بصحة البيع ، وإن جهل الحال قال : « وقد يفرق بينهما بالقصد إلى صيغة صحيحة في مال الموروث بخلاف الموهوب » فيسقط عنه ما اعترضه به في المسالك ـ حيث أنه بعد أن حكى ذلك عنه قال : « ولا يخفى عليك فساد هذا الفرق فإن القصد إلى الصيغة الصحيحة بالمعنى المقابل للباطلة حاصل في المسألتين وبمعنى اللزوم منتف فيهما ، ولا فرق بينهما أصلا ـ كما لا يخفى ، إذ