للصحة ، فيكون إنكاره كدعوى الفساد المعلوم تقدم دعوى الصحة عليها ، لما في المسالك من الفرق بين الأمرين ، فإن منكر الإقباض لا يدعى فساد الهبة ، وإنما ينكر أمرا من الأمور المعتبرة فيها ، وأنها لم تحقق بعد ، كما لو أنكر الإيجاب والقبول ، وإن اشترك الجميع في عدم صحة العقد بدونه ، وهو تام لو كانت الدعوى من الواهب أما إذا كانت من وارثه التي هي دعوى الفساد بعد إقراره بأن مورثه قد وهب ، ولكنه لم يقبض ، بل قد يشكل ذلك فيه أيضا ضرورة أن مبنى عدم كون الإقرار بالهبة إقرارا بالقبض الذي أحد أركان صحتها دعوى كون المعروف شرعا من الهبة هو الإيجاب والقبول خاصة والقبض وإن كان معتبرا في الصحة إلا أنه خارج عن مهيتها ، وقد تقدم في تعريف الهبة أنه العقد إلى آخره ولا شبهة في أن القبض أمر آخر غير العقد ، فالإقرار بأحدهما لا يقتضي الإقرار بالآخر.
لكن قد يمنع ذلك بناء على ما تقدم غير مرة من دخول المعاطاة في مفهوم هذه الأسماء كالبيع والإجارة ونحوهما وحينئذ فلا تكون أسماء للعقود حينئذ كي يتم الكلام المزبور ، ويدفع بأن يقال إنا وإن قلنا : بعدم كونها أسماء للعقود نفسها لكنها اسم للأثر الحاصل بالعقد ، ومن المعلوم كونه التمليك المزبور ، لا الأثر الحاصل من العقد وشرائطه وليس القبض داخلا في مفهومه وحصوله بالفعل لا يقتضي دخول ما أفاده الفعل من الإقباض في حقيقته بل أقصاه حصول الأمرين به معا.
وحينئذ على كل حال فالإقرار بها ليس إقرارا به ، بل لعله كذلك حتى لو قلنا بأن المعاطاة الفعلية نفسها هبة ، ضرورة تعدد أفرادها ، والإقرار بفرد منها لا يقتضي الآخر ، فعلى مدعيه البينة حينئذ فيتجه ما ذكره المصنف كما أنه قد يدفع الأول : بأن دعوى الوارث عدم القبض ليس دعوى فساد ، وإنما هي قائمة مقام دعوى المورث ، وإن قارن ذلك حصول انفساخ بالموت لكن لا يكون به دعوى فساد على وجه تقدم عليه دعوى الموهوب ، بأنه قد أقبض فتأمل وكيف كان فالإقرار بالهبة ليس إقرارا بالقبض نعم لو قلنا بدخول القبض في مفهومها أتجه حينئذ عدم تقديم قوله ولكن قد عرفت فساد الدعوى المزبور.
نعم للمقر له إحلافه ان ادعى عليه الإقباض لعموم البينة ، أما إذا