وردده في المسالك بأن إلحاقه بالإجارة قياس مع الفارق ، لما عرفت أنه ليس على نهجها مطلقا ، بل ولا على نهج المعارضات لصحة البذل فيه من الأجنبي الذي لم يصل إليه شيء من العوض الآخر ، فإذا دل على صحته دليل عام كما ذكرنا لم يقدح فيه مخالفته لما أشبهه من العقود مع مغايرته له من وجوه ، ونحوه في جامع المقاصد.
قلت : إن كان المراد بالشرط التزام صرف ما هو ملكه بالعقد في مصرف خاص فلا يقدح في الإجارة فضلا عن غيرها ، وإن كان المراد اشتراط ذلك على وجه يكون المستحق بالعقد غير المتسابقين ، فقد تقدم سابقا اعترافه بأن من شرائط صحة العقد كون العوض ولو من أجنبي لأحد المتسابقين ، وأنه لا يجوز لأجنبي ، ويمكن أن يكون المراد اشتراط إطعامه لحزب المسبوق منهما فيما إذا كان عقد المراماة بين حزبين ، كما تسمعه في المسألة السابعة ، ووجه البطلان حينئذ أنه رجوع إلى اشتراطه للمسبوق وقد عرفت جوازه ، والصحة للعمومات ، وكون الحزب غير المسبوق.
المسألة الخامسة : إذا فسد عقد السبق بسبب كون العوض خمرا مثلا أو مجهولا أو بنحو ذلك مما هو من شرائط صحة العقد لم يجب بالعمل أجرة المثل وفاقا للمحكي عن الشيخ ويسقط المسمى لا إلى بدل لظهور فساد العقد الذي تضمنه ، لأنه لم يعمل له شيئا ، ولا استوفى منفعة عمله ، إذ نفع سبقه راجع إليه بخلاف الإجارة والجعالة الفاسدتين ، الراجع نفع العمل فيهما إلى المستأجرة والجاعل.
ولكن في القواعد وجامع المقاصد ومحكي التذكرة أن له أجرة المثل ، بل يجب أجرة مثل عمله ، وهو مجموع ركضة لا قدر ما سبق به ، لأنه سبق بمجموع عمله ، لا بذلك القدر لقاعدة « ما يضمن بصحيحه » ولا ينافيه عدم حصول النفع له ، فإن القراض الفاسد يجب فيه أجرة المثل ، وإن لم يحصل نفع بالعمل للمالك.
وأشكله في المسالك بأن الالتزام لم يقع إلا على تقدير العقد الصحيح والأصل براءة الذمة من وجوب غير ما وقع عليه العقد ، والفرق بينه وبين ما تجب به أجرة المثل من العقود واضح ، لا من جهة ما ذكروه من رجوع نفع عمل العامل إلى من يخاطب بالإجارة حتى يرد عليه مثل العمل الذي لا يعود عليه نفع في القراض ، بل لأن تلك العقود اقتضت أمر العامل بعمل له