وإلى إطلاقهم كونها عقدا الذي يمكن أن يكون هو السبب لهم في الاتكال على عدم التصريح بالقبول من الحاكم هنا ، بل مثله يعد إجماعا على الاشتراط ، ويؤخذ حجة عليه خصوصا بعد عدم المعارض لذلك كله إلا إطلاق الأدلة الذي لم يسبق لذلك ، بل قد يمنع صدق اسم الوصية على الفرض ، كما أنه قد يمنع إرادة هذا الفرد منها إلا أن الجميع كما ترى.
نعم قد يقوى كون الوصية للفقراء وللجهة غير ما نحن فيه من الوصية التمليكية بل هو من الوصية العهدية بالصرف على ذلك ، خصوصا الوصية للجهة ، ضرورة عدم صحة تمليك الجنس بعقد من العقود المملكة وإن قبل الحاكم عنه ، إلا الوقف على إشكال فيه لقصور أدلتها عن ذلك ، من غير فرق بين البيع والصلح والهبة وغيرها مما اشتمل على العوض ، أو لم يشتمل ، ولا يقاس التمليك بها على الملك الشرعي الثابت في الزكاة والخمس ، بل والوقف بناء على القول به ، لحرمة القياس ، على أن بناء الوقف على تمليك المعدوم بخلاف الوصية ، مع أن أفراد الجنس مختلفة ، كمال الاختلاف ضرورة كونهم حال الوصية غيرهم في الزمن الآخر ، لصيرورة الفقير غنيا والغني فقيرا ، بل فيهم من لم يكن موجودا أصلا ، ثم وجد فقيرا وهكذا ، ولا ريب في عدم ظهور معتد به في أدلة العقود على وجه يقتضي صلاحيتها لنحو هذا التمليك ، بل لا يبعد بطلان الوصية لو قصد بها التمليك المذكور.
ومن ذلك ينقدح أن إطلاق الأصحاب كون الوصية عقدا محتاجا إلى الإيجاب والقبول في محله ، ولا يرد عليهم مثل ذلك ، لخروجه عن الوصية التمليكية ، ودخوله في الوصية العهدية الخارجة عن محل البحث ، خصوصا الوصية للجهة كالمسجد والقنطرة والمدرسة ونحوها ، مما هي غير قابلة للتمليك ، ولم يقصد منها تمليك غيرها من الفقراء ونحوهم ، فليس حينئذ إلا إرادة المصرف فتأمل جيدا فإنه جيد جدا ، وإن كان مخالفا لما صرح به بعضهم ، كالفاضل والمحقق الثاني وغيرهم من كون الوصية في الفرض مملكة ولكن لا تحتاج إلى قبول مطلقا أو تحتاج إلى قبول من الحاكم ، ضرورة منافاة ذلك لكونها عقدا مفتقرا إلى الإيجاب والقبول المعتبر ، فيهما ما يعتبر في باقي العقود إلا ما خرج بالدليل ، حتى العربية بناء على اعتبارها في العقود جميعها ، وإن صرح في الروضة بعدم اعتبارها هنا ، لكنه مسلم في العهدية منها دون العقدية ،