خصوصا بعد أن لم تكن إطلاقات معتدا بها ، ولا هي مساقة لبيان ذلك ، بل لعلها منزلة على ما هو الغالب من تحقق القبول في مثلها ، لندرة رد ما يتبرع بإعطائه.
تبطل ما هو المشهور عندهم من أن القبول كاشف ، ضرورة كون ذلك عمدة أدلته التي خرجوا بها عن أصالة مساواة هذا العقد لباقي العقود ، دون ما ذكروه له من الوجوه الاعتبارية التي منها أن الظاهر قوله تعالى (١) ( مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِها أَوْ دَيْنٍ ) عدم انتقال التركة معها إلى الوارث ، والميت غير قابل للملك ، والإجماع على عدم ملك الأجنبي فليس حينئذ إلا ملك الموصى له ، وإلا بقي المال بلا مالك ، ولما قام الإجماع وغيره من الأدلة على اشتراط القبول التجأنا إلى أنه كاشف ، جميعا بين الأدلة.
وهو كما ترى فيه نظر من وجوه ، منها : أن مقتضاه ملك الديان أيضا ما قابل بقاء ملكه على ثلثه الذي أوصى بصرفه عليه في عبادة ونحوها.
ومنها : أن البحث في اشتراط القبول في الملك ، فكيف يكون ما هو محل النزاع من مقدمات الاستدلال ، ومن هنا يقوى القبول بكون القبول جزءا ناقلا كغيرها من العقود كما هو خيره جماعة وظاهر آخرين.
لكن ومع ذلك فالقول بالكشف هو الأقوى ، لأن الموصى بإنشاء وصيته قصد التمليك بالموت ، والقبول إنما يتعلق بما أوجبه الموجب على الكيفية التي أوجبها فمع فرض تأخره ـ لعدم اعتبار اتصاله بالإيجاب ولا بالموت ـ يراد منه قبول المراد بالإيجاب الذي هو الملك بالموت ، كما عرفت ، وهو معنى الكشف ، فيكون دليله جميع ما دل على مشروعية هذا الفرد من الوصية التي لا وجه لقبولها إذا تأخر إلا الكشف ، وبذلك افترقت عن باقي العقود التي يراد بإيجابها معناه عند القبول حتى العقد الذي لم يعتبر فيه اتصال القبول بالإيجاب كالوكالة فضلا عما اعتبر فيه ذلك كالبيع ونحوه.
وقد ظهر بذلك أن الأقوال في المسألة ثلاثة ، أحدها : أن القبول تمام السبب الناقل كباقي العقود.
__________________
(١) سورة النساء الآية ـ ١١.