ولا يقدح هنا التبعيض ، كما لا يقدح في غيرها من العقود ، مثل بيع مال الغير إذا كان للمتعددين فأجاز بعضهم ، وامتنع الآخرون ، وكذا لو أجاز الجميع البعض ، أو البعض البعض ، لاتحاد الجميع في المدرك ، كما هو واضح.
فلو فرض كون الوارث أبناء وبنتا وأوصى بنصف ماله ، فإن أجاز معا فالمسألة من ستة ، لأن لهما نصف التركة أثلاثا ، وإن رد معا فالمسألة من تسعة ، لأن لهما ثلثي التركة أثلاثا ، فأصلها ثلثه ، ثم تنكسر عليها في مخرج الثلث ولا وفق ، وإن أجاز أحدهما ضربت وفق إحدى المسألتين ، وهو الثلث في الأخرى ، تبلغ ثمانية عشر للموصى له الثلث ، بغير إجازة ستة ، ولهما الثلثان اثنى عشر أثلاثا ، فمن أجاز منهما دفع من نصيبه ما وصل إليه من السدس الزائد ، وهو سهم من البنت وسهمان عن الابن ، إذ لو أجاز الابن لكان له ستة من الثمانية عشر ، ومعه من الأنثى عشر ثمانية ، فيدفع إلى الموصى له سهمين ، ولو أجازت البنت لكان لها ثلاثة من الثمانية عشر ، ومعهما أربعة فيندفع سهما فيكمل للموصى له على تقدير إجازتهما تسعة هي النصف ، وعلى تقدير إجازته خاصة ثمانية ، وعلى تقدير إجازتها خاصة سبعة ، وقس عليه ما يرد عليك من نظائره.
وعلى كل حال فـ ( إجازة الوارث تعتبر بعد الوفاة ) إجماعا بقسميه ، ونصوصا وهل تصح قبل الوفاة فيها قولان : أشهرهما انها تلزم الوارث بل هو المشهور ، بل عن الشيخ الإجماع عليه للصحيحين (١) « رجل أوصى بوصية وورثته شهود فأجازوا ذلك ، فلما مات الرجل نقضوا الوصية ، هل لهم أن يردوا ما أقروا به؟ قال : ليس لهم ذلك ، الوصية جائزة عليهم » ونحوهما غيرهما ، كما هو مؤيد بعموم الأدلة الدالة على وجوب إمضاء الوصية ، وكون الإرث بعدها ، خروج منها ما إذا لم يجز الوارث مطلقا فيبقى الباقي ، وبأن المنع من نفوذ الزائد عن الثلث إنما هو لحق الورثة ، وهو متحقق في حال الحياة ، فإذا أجازوا فقد أسقطوا حقهم ، وبأن المال الموصى به لا يخرج عن ملك الموصى والورثة لأنه ان
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ١٣ ـ من أبواب أحكام الوصايا الحديث ـ ١.