ذلك ، ضرورة كونها عوضا عن نفسه ، كالقيمة للتالف ، فتعلقه بها أشد من تعلق وارثه ، ولذا أدخلها الشارع في أمواله وعلق بها ديونه ووصاياه ، بل ربما كان ذلك هو الوجه في دية العمد أيضا ، وإن قلنا ان الواجب به أولا القصاص الذي هو غير قابل لتعلق الدين والوصية به.
لكن لما لم يستوفه الوارث وأراد الصلح بالدية تعلقت بها الوصايا والديون ، لأنها في الحقيقة أيضا عوض عن نفس المجني عليه ، وقيمة له فتتعلق بها الوصايا والديون.
مضافا إلى ترك الاستفصال في خبر عبد الحميد (١) « سألت أبا الحسن الرضا عليهالسلام عن رجل قتل وعليه دين ، وأخذ أهله الدية من قاتله ، أعليهم أن يقضوا الدين؟ قال : نعم ، قلت : وهو لم يترك شيئا قال : أما إذا أخذوا الدية فعليهم أن يقضوا الدين ».
وفي خبر يحيى الأزرق (٢) عن أبي الحسن عليهالسلام في رجل قتل وعليه دين ولم يترك مالا وأخذا أهله الدية من قاتله أعليهم أن يقضوا دينه؟ قال : نعم. قلت : هو لم يترك شيئا قال إنما أخذوا الدين فعليهم أن يقضوا دينه ».
بل هو صريح خبر أبي بصير (٣) عن أبي الحسن موسى بن جعفر عليهالسلام قال : قلت : فان هو قتل عمدا ، وصالح أولياؤه قاتله على الدية ، فعلى من الدين على أوليائه من الدية أو على إمام المسلمين؟ فقال : بل يؤدوا دينه من ديته التي صالح عليها أولياؤه فإنه أحق بديته من غيره ، » وهو مع صراحته بوفاء الدين من ديته في العمد ، فيه رمز إلى ما ذكرناه من الوجه في ذلك.
ومن هنا لم يفرق المشهور بين الديتين بالنسبة إلى تعلق الديون والوصايا بل قيل : إنه قد حكى إجماعات على ذلك ، وإنه لم يخالف فيه إلا ما يوهمه كلام ابن إدريس في باب قضاء الدين عن الميت ، وهو اجتهاد في مقابلة النص نحو ما وقع من بعضهم في المقام من الإشكال
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٢٤ ـ من أبواب أحكام الديون الحديث ـ ١.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٢٤ ـ من أبواب أحكام الديون الحديث ـ ٢.
(٣) الفقيه ج ٤ ص ٨٣ الرقم ٢٦٤ والخبر عن علي بن أبي حمزة.