وأما القول بجواز أن يقف المسلم على الذمي ولو كان أجنبيا فهو محكي عن التذكرة والتبصرة ، وموضع من التحرير والدروس وإيضاح النافع ، بل لعله لازم للقائل بجواز الصدقة عليه الذي نسبه في المسالك إلى الأشهر ، بل في الكفاية إلى المشهور ، بل قيل لم يحك الخلاف فيه إلا عن الحسن ، ومنه ينقدح الاستدلال عليه بالنصوص الدالة على ذلك ، مضافا إلى عموم المقام ، بل وعموم الإحسان والمعروف وصلة الرحم وغيرها ، بعد قوله ( تعالى ) (١) « ( لا يَنْهاكُمُ اللهُ ). » وإلى فحوى ما دل على جواز الوصية من الإجماع المحكي ، أو النصوص وإلى ما سمعته من إجماع مجمع البيان ، بل لا ينافي ذلك القول باعتبار القربة فيه بعد فرض شمول الأدلة له ، ضرورة عدم المانع من كونه مقربا إلى الله تعالى ، وإن كان على أهل الذمة كالصدقة ، وبذلك يظهر لك ضعف القول باختصاص الجواز في الرحم ـ وإن حكي عن الشيخين وأبي الصلاح وبني حمزة وزهرة وسعيد وإدريس ، بل في جامع المقاصد أنه المشهور ، بل في الخلاف الإجماع عليه ، بل قد يظهر من الغنية نفي الخلاف فيه ـ للمرسل (٢) « إن صفية وقفت على أخ لها يهودي فأقرها النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم » ضرورة عدم دليل صالح للاختصاص ، وإن زاد الرحم بما دل على رجحان صلته والوقف على الأرحام ، بل يمكن إرادة القائلين وضوح القول بالجواز فيهم ، لا الجزم بنفيه عن غيرهم ، وحينئذ لا يكون مخالفا للمختار ، وكذا القول باختصاصه فيما إذا كان أحد الأبوين مع أنا لم نتحقق القول به إلا ما يحكي عن السرائر مع أن المنقول عنها في موضع آخر التصريح بجوازه على مطلق الأرحام ، كما لم نتحقق الدليل له إلا المرسل في محكي المراسم « إذا كان الكافر أحد أبوي الواقف كان جائزا » والأمر بمعاضرتهما بالمعروف وهما غير صالحين للدلالة على الاختصاص ، وأما القول بالمنع ، وإن حكى عن سلار وابن البراج والفخر والشهيد في الحواشي المنسوبة إليه لكن لا دليل لهم سوى ما سمعته في الحربي الذي يجب الخروج عنه بما عرفته هناك كما هو واضح ، هذا.
ولكن في الرياض المناقشة في أصل دلالة العمومات على الجواز مطلقا بكون المراد من قوله عليهالسلام « الوقوف » إلى آخره وغيره ، الوقوف الصحيحة المتضمنة لشرائط الصحة التي منها
__________________
(١) سورة الممتحنة الآية ـ ٨.
(٢) المغني لابن قدامة ج ٤ ص ٢٢٢ طبعة بيروت دار الكتاب العربي سنة ١٩٣٢.