الشهادة الإجماع عليه ، بل في الرياض لم أجد فيه مخالفا إلا نادرا ، وإن تضمنته الآية ، إلا أنه خارج مخرج الغالب ، فلا يصلح لتقييد ما دل على قبولها في السفر الحضر من النصوص حينئذ كما هو واضح.
وعلى كل حال فقد ظهر لك عن ذلك كله قبول شهادة أهل الذمة في الجملة لكن قوله تعالى (١) ( فَإِنْ عُثِرَ ) إلى آخر الآية قد تضمن حكما لم يتعرض له أكثر الأصحاب ولا تصدوا له ، ولم ينصوا على النسخ ، ولا على عدمه ، مع أن النص قد تعرضت له أيضا فإن في خبر يحيى بن محمد (٢) عن الصادق عليهالسلام بعد أن ذكر شهادة الذميين وحلفهما قال عليهالسلام : « فان عثر على أنهما شهدا بالباطل فليس له أن ينقض شهادتهما حتى يجيء شاهدان يقومان مقام الشاهدين ( فَيُقْسِمانِ بِاللهِ لَشَهادَتُنا أَحَقُّ ) إلى آخر الآية فإذا فعلى ذلك نقض شهادة الأولين وجازت شهادة الآخرين يقول الله عز وجل ( ذلِكَ أَدْنى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهادَةِ ) إلى آخره.
وفي مرسل علي بن إبراهيم (٣) « قال : خرج تميم الداري وابن بندي وابن أبي مارية في سفر وكان تميم الداري مسلما وابن بندي وابن أبي مارية نصرانيين ، وكان مع تميم الداري خرج له فيه متاع وآنية منقوشة بالذهب وقلادة وأخرجها إلى بعض أسواق العرب للبيع فاعتل تميم الداري علة شديدة فلما حضره الموت دفع ما كان معه إلى ابن بندي وابن أبي مارية أن يوصلاه إلى ورثته فقد ما إلى المدينة وقد أخذا من المتاع الآنية والقلادة وأوصلا سائر ذلك إلى الورثة فافتقد القوم الآنية والقلادة فقالوا لهما هل مرض صاحبنا مرضا طويلا أنفق فيه نفقة كثيرة؟ قالا : لا ، ما مرض إلا أياما قلائل ، قالوا : فهل سرق منه في سفره هذا؟ قالا : لا قالوا : فهل اتجر تجارة خسر فيها؟ قالا : لا ، قالوا : فقدنا أفضل شيء كان معه : آنية منقوشة بالذهب مكللة بالجوهر ، وقلادة. فقالا : ما دفع إلينا فقد أديناه إليكم فقدموهما إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فأوجب عليهما اليمين ، فحلفا فخلا عنهما ، ثم ظهرت تلك الآنية والقلادة عليهما ، فجاء أولياء
__________________
(١) سورة المائدة الآية ـ ١٠٨.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٢٠ ـ من أبواب أحكام الوصايا الحديث ـ ٦.
(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٢١ ـ من أبواب أحكام الوصايا الحديث ـ ١.