ومن ذلك يظهر وجه الاستدلال بالخبر المزبور لكل من القولين ، فان المفيد وأصحابه يجعلونه مثالا لما لم يبلغ النصف من الأقل مما تزيد فيه الحرية على النصف لأصالة بطلان الوصية للعبد.
والمشهور يجعلونه مثالا لجميع أفراد الأقل ، ويشهد له الإجماع المحكي المعتضد بالشهرة ، وإطلاق الرضوي وغير ذلك ، كما يشهد للأول ما سمعته من المرسلة في السرائر ، وظاهر المقنعة.
ومن الغريب تقرير الكركي وثاني الشهيدين وغيرهما الاستدلال للمفيد بالخبر المزبور بدلالة المفهوم ، على معنى أنه لو لم يكن أقل بقدر الربع ، لا يستسعى ، وإنما يتحقق عدم الاستسعاء من البطلان ، ثم اعترضوا عليه بأن المفهوم ان لم يكن الثلث أقل من قيمة العبد بقدر الربع ، لا يستسعى في ربع القيمة ، لا أنه يستسعى مطلقا ، وهذا مفهوم صحيح لا يفيد مطلوبهم ، فلا ينافي القول بأنه يستسعى بحسبه فإن كان أقل بقدر الثلث ، يستسعى في الثلث ، أو بقدر النصف يستسعى في النصف وهكذا ، وأيضا لو كان المفهوم الذي ذكروه صحيحا لزوم منه أنه متى لم يكن الثلث أقل من قيمته بقدر الربع لا يستسعى ، بل تبطل الوصية ، وهذا شامل لما لو كانت القيمة قدر الضعف ، أو أقل من ذلك إلى أن يبلغ النقصان قدر الربع ، فمن اين خصوا البطلان بما لو كانت القسمة قدر الضعيف ، بل قال في المسالك : « ما هذا الأعجب عن مثل هذين الشيخين الجليلين ».
ولا يخفى عليك أن مبنى استدلال المفيد إن كان ، هو ما عرفت من أن الأصل بطلان الوصية للعبد ، والمتيقن مما في الرواية كونه مثالا للأقل من النصف ولو بقرينة ما عرفت ، لا المفهوم المزبور الذي لا يكاد يخفى فساده على أصاغر الطلبة ، وأما المناقشة في سند الخبر ، فيدفعها اتفاق الجميع على العمل به.
بقي الكلام في شيء وهو أن الفاضل في المختلف وافق المشهور فيما إذا كانت الوصية بجزء مشاع من التركة كالثلث والربع والخمس ونحو ذلك ، فإن العبد حينئذ يكون من جملته ، فكأنه قد أوصى بعتق جزء منه ، فيعتق ويسرى في الباقي ، ويدفع عنه من الوصية ، لأنه في القوة الوصية بعتقه ، بخلاف ما لو كانت بجزء معين ، كدار أو بستان ، أو جزء مشاع منه