الأول بالوصية الى الثاني ، ولو قبل أحدهما دون الآخر قيل : يتصرف وحده ، بخلاف ما لو أوصى إليهما معا ، فإنه ينعزل القابل برد صاحبه ، وفي الفرق نظر ، لأن الضم قد حصل في الموضعين ، فإن كان شرطا ثبت فيهما وإلا انتفا فيهما » وتبعه على ذلك المحقق الثاني ، بعد أن حكى القيل المزبور عن التذكرة.
قلت : قد يفرق بينهما بظهور المعية في وصاية المجتمعين وكونهما معا الوصي بخلاف غيره ، فإنه ظاهر في الاستقلال ، حتى لو قبلا معا ، فان تعدد الأولياء كما هو ظاهر العبارة غير عزيز ، وكذا الكلام في الوكالة ولو سلم فالمراد شركته على تقدير قبوله ، نحو ما لو قال لزيد أوصيت إليك ، ثم قال ضممت إليك عمروا ، فإنه كما في القواعد ان قبل عمرو شارك ، وإلا استقل زيد ، ولو قبل عمرو خاصة لم يكن له الانفراد لو جعله مضموما ، وهل ينعزل أو يضم إليه الحاكم؟ فيه نظر ، كما في الدروس ، وجزم الفاضل بالثاني.
وعلى كل حال فالإنصاف اختلاف ذلك باختلاف الأزمنة والأمكنة والأحوال ، التي ليس من وظائف الفقيه تنقيحها ، والتحقيق ما عرفت ، ومنه يعلم أن الناظر المستعمل في زماننا ليس وصيا مستقلا ، بل ولا شريكا في الوصاية لعدم ظهور عبارة الموصى فيه بل لعلها ظاهرة في إرادة الصرف باطلاعه ، وقد تعرض له بعض الأصحاب كالمحقق الثاني حيث قال : « ويجوز أن يوصى الى واحد ، ويجعل آخر مشرفا عليه ، ولا يكون للمشرف شيء من التصرفات لكن يشترط صدورها عن اذنه ، ولو امتنع ، فهل يستقل الوصي؟ فيه وجهان أقربهما لا ، بل يرفع الأمر إلى الحاكم ».
قلت : التحقيق فيه كونه أيضا مختلفا باختلاف الأشخاص والأزمنة والأمكنة والأحوال ، ومن هنا لم يمكن ضبطه بحال ، فإنه قد يراد اطلاعه فقط ، لئلا يخون الوصي ، وقد يراد نظره في الصرف والمصرف ، وقد يراد غير ذلك ، والحكم يختلف باختلافه ، حتى مدخلية الحاكم فيما لو مات أو جن مثلا ، وعدمها ، ثم المراد باجتماعها اتفاقهما على الرأي على وجه يحكمان بكونه مصلحة ، وإيقاع العقد لو احتيج إليه عن رأيهما بمباشرة أحدهما ، وإذن الآخر ، أو غيرهما بإذنهما.