وخبر هشام بن سالم (١) عن أبي عبد الله عليهالسلام « في الرجل يوصى إلى رجل بوصية ، فيكره أن يقبلها ، فقال أبو عبد الله : لا يخذله على هذا الحال ».
وخبر الفضيل (٢) عنه عليهالسلام أيضا « في الرجل يوصى إليه قال : إذا بعث بها اليه من بلد فليس له ردها » إلى غير ذلك من النصوص المحمولة على التفصيل المزبور لما عرفت ، خلافا للفاضل في المختلف والتحرير فجوز الرد أيضا بعد أن اعترف بنسبة عدم الجواز إلى الأصحاب كافة ، ومال إليه في المسالك ، للأصل المانع من إثبات حق على الموصى إليه على وجه قهري ، وتسليط الموصى على إثبات وصيته على من شاء ، ولاستلزام ذلك الحرج العظيم ، والضرر الكثير في أكثر مواردها ، وهما منفيان بالآية (٣) والرواية (٤) ، ولعدم صراحة النصوص في الدلالة على المطلوب ، لاحتمال حملها على الاستصحاب : أو سبق القبول ، أو نحو ذلك مما لا بأس بحملها عليه ، بخلاف إثبات مثل هذا الحكم العظيم المخالف للأصول العقلية والشرعية بمثل ذلك.
وفيه أن ذلك كله كالاجتهاد في مقابلة النص ، ضرورة الخروج عن الأصل المزبور بالدليل من النص والإجماع وغيرهما ، والحرج والضرر مع فرض عدم إمكان تحملهما يسقط التكليف معهما ، كما عن التنقيح التصريح به ، وهو غير ما نحن فيه ، وإلا لم يكن بهما بأس بعد قيام الدليل ، وعدم الصراحة لو سلم لا ينفى أصل الاستدلال ، إذا أكثر الفقيه مبني على الظواهر ، والمحملان لو سلم إمكان الجمع لهما ، إنما يرتكبان بعد قوة المعارض وليست ، بل الأمر بالعكس كما عرفت.
ومما ذكرنا في الحرج والضرر ، يعلم ما في المسالك حيث أنه بعد أن مال إلى قول الفاضل قال : « ولو حصل للوصي ضرر ديني ، أو دنيوي ، أو مشقة لا يحتمل مثلها عادة ، أو لزم من
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٢٣ ـ من أبواب أحكام الوصايا الحديث ـ ٥.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٢٣ ـ من أبواب أحكام الوصايا الحديث ـ ٤.
(٣) سورة الحج الآية ـ ٧٨.
(٤) الوسائل ـ الباب ـ ١٧ ـ من أبواب الخيار.