ومن ذلك يظهر لك أن ما أتعب به نفسه ـ حتى أنه ذكر أدلة المسألة الآتية وما فيها من الشهرة وغيرها في هذه المسألة ـ في غير محله واشتباه ، وكان الذي أوقعه في ذلك ما في الكفاية من نسبة القول باعتبار الدوام إلى جماعة ، وفرع عليه الاقتران بمدة ، إلا أنه لم يذكر فيه أيضا قولا بالصحة وقفا بخلاف المسألة الآتية ، فإنه هو قد اختار الصحة وقفا.
كما أنه غره في الاستدلال في المقام على الصحة حبسا بالصحيحين فقال : الأظهر الاستدلال عليه بصحيح ابن مهزيار (١) « قلت له : روى بعض مواليك عن آبائك عليهمالسلام أن كل وقف إلى وقت معلوم فهو واجب على الورثة ، وكل وقف إلى غير وقت جهل مجهول فهو باطل مردود على الورثة ، وأنت أعلم بقول آبائك عليهمالسلام ، فكتب عليهالسلام هو كذلك عندي ».
وصحيح ابن الصفار (٢) « كتبت إلى أبي محمد عليهالسلام أسأله عن الوقف الذي يصح كيف هو ، فقد روى أن الوقف إذا كان غير موقت فهو باطل مردود على الورثة ، وإذا كان موقتا فهو صحيح ممضى ، وقال قوم : ان الموقت هو الذي يذكر فيه أنه وقف على فلان وعقبه ، فإذا انقرضوا فهو للفقراء والمساكين إلى أن يرث الله عز وجل الأرض ومن عليها ، قال : وقال آخرون : هو موقت إذا ذكر أنه لفلان وعقبه ما بقوا ولم يذكر في آخره للفقراء والمساكين إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ، والذي غير موقت ان يقول : هذا وقف ولم يذكر أحدا ، فما الذي يصح من ذلك ، وما الذي يبطل؟ فوقع عليهالسلام : الوقوف بحسب ما يوقفها إن شاء الله تعالى » ثم قال : وهما وإن دلا ظاهرا على الصحة وقفا الا أن حملهما على الصحة حبسا متعين جدا ، جمعا بينهما وبين ما دل على كون التأبيد شرطا ورجوع مثل هذا الوقف بعد موت الموقوف عليه إرثا فإنه من لوازم الحبس كما يأتي إن شاء الله تعالى.
وفيه انه لا وجه لما ذكره في الصحيح الثاني المشتمل على تفسير الموقت فيه بما سمعت ، بل هو شاهد على إرادته أيضا من الصحيح الأول كما ذكره شيخ الطائفة خصوصا بملاحظة كونه
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٧ ـ من أبواب أحكام الوقوف والصدقات الحديث ـ ١.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٧ ـ من أبواب أحكام الوقوف والصدقات الحديث ـ ٢.