للميت حال موته ، أو إلى الوارث الأول باعتبار تأهل الميت لصيرورته ملكا له بانقراض الموقوف عليه ، لأن الملك إنما خرج عنه متزلزلا وهذا التأهل يتنقل إلى وارثه ، لأن كل ما هو له يكون لوارثه ، فهو حينئذ كفسخ المشتري بخياره بعد موت الميت بمدة ، فإنه يكون المبيع للوارث الأول ، ولو لأن انتقال المبيع عنه كان متزلزلا ، بفسخ المشتري. إذ هو هنا كذلك قد انتقل المال عنه متزلزلا.
ولعل الثاني منهما لا يخلو من قوة ، وإن أمكن الفرق بين المشبه والمشبه به ، بوجود الثمن في البيع الذي ملكه البائع متزلزلا ، والفسخ يقتضي رد العوض بخلاف المقام إلا أنه فرق لا ينافي ما ذكرناه من القوة التي مبناها تناول أدلة الإرث لمثل ذلك.
وبذلك كله ظهر لك وجه القول بالرجوع إلى ورثة الواقف على فرض الصحة وقفا. وأما دعوى أن الفرض وإن كان وقفا إلا أنه لا يفيد الا مفاد الحبس ـ حتى ذكر بعضهم ندور الثمرة في الفرق بينهما ، وانما هي في النذر والوصية ، والنية المصححة لمثل هذا الوقف إن كان متعلقها الحبس والمفسدة له إن كان الوقف ، ونحو ذلك فلا يفيد حينئذ نقل العين إلى الموقوف عليه ، وإن أفاده في المؤبد ـ فيدفعها ظهور أدلة الوقف في اتحاد مقتضاها في جميع أفراده ، وإلا لاقتضى التوقف حينئذ في الحكم بملك العين وعدمه في نحو الفرض المحتمل لانقراض الموقوف عليه وعدمه وهو معلوم البطلان كما هو واضح.
ومن الغريب دعوى هؤلاء كون الفرص من الحبس ، وقولهم بندور الثمرة بينه وبين الحبس ، ضرورة عدم معقولية ذلك إلا على جعله وقفا ، كي يتجه ظهورها بمثل النذر واليمين ، وكل ذلك ناشئ من عدم تحريهم المسألة على وجهها.
ولا يخفى عليك بعد الإحاطة بما ذكرناه ما في كثير من الكلمات في المقام ـ فضلا عما فيها من التشويش ، والله الهادي والحافظ من زلل الاقدام والأقلام ـ ولا ما في دليل القول بالبطلان الذي أرسله الشيخ المبني على دعوى اعتبار الدوام في الوقف على وجه يشمل الفرض ـ وهي مصادرة محضة ، كدعوى رجوع ذلك إلى التوقيت الذي قد عرفت بطلانه ، للفرق الواضح بينهما ـ وعلى أنه يكون وقفا على مجهول وهو باطل وفيه أن المجهول إن أريد به بالابتداء فظاهر