وأما القول بصحة الشرط المزبور ورجوع الوقف حبسا حتى جعلوه قولا ثالثا في المسألة ، ونسبوه إلى الشيخ والقاضي والمصنف هنا ، والفاضل في القواعد والتذكرة والإرشاد والشهيد في الدروس والتنقيح وجامع المقاصد والروض والروضة ، فإن أرادوا به ذلك مع فرض تحقق الحاجة ، فهو المختار ، وإن أرادوا به ذلك مع عدم الحاجة أيضا بدعوى أن الميت بموته قد احتاج فهو كالخرافة ، ضرورة عدم كون ذلك المراد من إطلاق الشرط مع إمكان فرض التصريح بإرادتها حال الحياة ، وكذا دعوى ـ كون موت الحابس غاية لحبسه بعد أن لم يذكر له أمدا ضرورة أنه قد ذكر له أمدا ولم يحصل فمقتضى ذلك بقاؤه محبوسا إلى آخره ، على أن مفروض المسألة في الوقف وهو ما علم قصد الوقف به ، لا أن مفروض المسألة ، من قال وقفت ، فيحمل قصده على إرادة الحبس بقرينة الشرط المزبور إذ هو كما ترى خروج عما نحن فيه ورجوع إلى مسألة لفظية قد عرفت البحث في نظيرها ، وأن المتجه فيها الحمل على البطلان لعدم صلاحية أصالة الصحة لصرف ظاهر اللفظ كما تقدم تحقيق الحال فيه سابقا.
على أن دعوى بطلان الشرط المزبور ـ بعد فرض القول بصحة الوقف المنقطع ـ واضحة الفساد ، وكونه باطلا في نفسه للتعليق ، يدفعه معلومية جواز نظائره في الوقف ، وأنه ليس تعليقا ممنوعا ، ولو سلم فهو باطل في الحبس أيضا ضرورة اشتراكهما بالنسبة إلى ذلك.
وكذا دعوى أن الحكم بكون الفرض حبسا مع القول بصحة الوقف المنقطع وصحة هذا الشرط ، وكون القصد الوقف إنما هو للخبرين المزبورين ، إذ قد عرفت أنهما ـ بعد احتمالهما ما سمعت ـ لا يصلحان لإثبات مثل هذا الحكم المخالف للضوابط من وجوه ، وليس بأولى من القول بصحته وقفا على هذا الوجه ، بمعنى أنه له حكم الحبس نحو ما سمعته منا في حمل كلامهم في الوقف على من ينقرض ، بل هو صريح الفاضل في المختلف ، وإن كان هو هنا فيه ما لا يخفى فلا محيص حينئذ عن القول بالصحة حسب ما قلناه.
ومما ذكرناه يظهر لك الوجه في المسألة وأقوالها وأدلتها ، بل وما في الفوائد التي ذكرها في المسالك ، بل وما في غيرها من كتب الأصحاب أيضا ، هذا ويمكن حمل عبارة المصنف