بالتقييد المزبور ، بل منه يظهر أن الإطلاق في مثل هذا السؤال منصرف إلى فاقد القيد ، المراد منه عدم الإقباض أو عدم بيان المتصدق به ، وإن كان عازما عليه.
وعلى كل حال يكون خارجا عن المفروض الذي هو التشريك في الوقف ، بعد وقوعه وجمعه لجميع شرائط الصحة اللزوم ، وتجرده عن اشتراط الشركة بالإرادة.
ومن الغريب ما في المسالك من الميل إلى قول القاضي حيث قال بعد ذكر النصوص « ويمكن التوفيق بين النصوص بأمرين أحدهما ـ أن يكون في الثاني قد شرط قصره على الأولين كما يشعر به قوله « بعد أن أبانهم بصدقة » ويحمل الأول على ما لم يشترط ذلك على ما يدل عليه إطلاقه ، فيكون ذلك كقول القاضي ، والثاني حمل النفي في الثاني على الكراهة جمعا ، وكلاهما متجه ، إلا أن الأول من التأويلين أوجه ».
إذ هو كما ترى مناف للاستثناء الظاهر في الخبر المزبور ، وبعيد عن لفظ الإبانة أو التبيين ، فلا ريب في أن الجمع بينهما بما ذكرناه ، وخبر قرب الإسناد إنما هو على مذاق غيره من النصوص الدالة على ثبوت السلطنة للوالد على مال ولده ، نحو (١) « أنت ومالك لأبيك » المحمولة على رجحان عدم معارضة الولد للوالد فيما أحبه لو كان بالغا ، وعلى ثبوت الولاية له على ماله على حسب الوجه الشرعي ، فلا بد من حمل الصدقة فيه على ما يقبل التشريك الحاصل من الوالد ، ولو بسبب جديد حتى في الوقف بالنظر إلى التشريك معه في المنفعة بصلح ونحوه.
فظهر من هذا كله أن الوقف متى تم لم يجز له حينئذ تغييره بإدخال أو إخراج أو نقل إلا مع الشرط الذي ذكرناه ، لكن في المقنعة « لو حدث في الموقوف عليهم حدث يمنع الشرع عن معونته والصدقة عليه ، والتقرب إلى الله تعالى بصلته جاز التغيير فإن الوقف صدقة ، فلا يستحقه من لا يستحقها ، فإذا أحدث في الموقوف عليه كفر أو فسق بحيث يستعان بذلك المال عليهما جاز حينئذ للواقف التغيير والإدخال ».
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٧٨ ـ من أبواب ما يكتسب به الحديث ـ ٢ و ٨ و ٩.