بل هو ملزم بأحدهما غير المعيّن ، نعم متى ما التزم بأحدهما فإنّ الآخر لا يكون منجّزا عليه ، فلو كان مؤدى أحد الدليلين هو الحرمة والآخر الإباحة فإنّ المكلّف في سعة من جهة اختيار أحدهما غير المعيّن ، فمتى ما التزم بمؤدى الدليل الأول فإنه يكون مسؤولا حينئذ عن امتثال مؤداه وهو الحرمة ومتى ما التزم بالآخر فإنّه يكون في سعة من جهة مؤدى الدليل الأول ويكون الدليل الآخر صالحا لتأمينه عن مخالفة الدليل الأول ، وهكذا الكلام لو كان أحد الدليلين الوجوب والآخر الحرمة ، وهذا الافتراض لا محذور فيه أيضا ؛ إذ لا مانع عقلا في أن يجعل المولى الحجيّة للدليلين المتعارضين بنحو التخيير.
الافتراض الخامس : ألا تكون الحجيّة ثابتة للدليلين المتعارضين ، بمعنى أنّ المولى لم يجعل الحجيّة للدليل الذي له معارض ، فكلّ دليل وإن كان واجدا لشرائط الحجيّة في نفسة إلاّ أنّه إذا كان مبتليا بمعارض فهو غير مشمول لأدلّة الحجيّة ، وهذا الافتراض ممكن ولا محذور فيه.
وأمّا مقام الإثبات :
والبحث في هذا المقام عن أيّ الافتراضات التي تتناسب مع دليل الحجيّة.
أمّا الافتراض الأول والثاني : فلا مجال للبحث عنهما في مقام الإثبات ؛ وذلك لاستحالتهما في نفسيهما ، وإذا كان كذلك فهما غير مرادين من دليل الحجيّة قطعا فلا نحتاج لعرضهما على دليل الحجيّة.
وأما الافتراض الثالث : ـ وهو ثبوت الحجيّة لأحد المتعارضين تعيينا فإنّ أدلّة الحجيّة لا تساعد عليه ؛ وذلك لعدم وجود ما يقتضي ترجّح أحد