بالواجب « الصوم » مقترنا بالطهارة من الحدث الأكبر ، إذ أنّ الوقت الذي يؤتى فيه بالطهارة لا يكون الصوم مقترنا بالطهارة.
ومن هنا تكون الطهارة من الحدث الأكبر من المقدّمات المفوتة ، ومع ذلك نجد الفقهاء يفتون بلزوم التطهر من الحدث الأكبر قبل طلوع الفجر أي قبل زمان فعليّة الوجوب للصوم.
ويمكن التمثيل لمقدّمات الواجب المفوتة بمثال آخر يناسب مقدّمات الواجب العقليّة ، وهو السفر لعرفات فإنّه مقدّمة للوقوف بعرفات الواجب ، ومقدار الوقوف الواجب يبدأ من زوال الشمس ليوم عرفة ، فإذا كانت فعليّة الوجوب للوقوف متوقّفة أيضا على تحقّق الزوال من يوم عرفة فهذا يقتضي عدم مسؤوليّة المكلّف عن السفر لأرض عرفات قبل زوال يوم عرفة ، في حين أنّ تأخير السفر إلى ما بعد تحقّق الفعليّة يقتضي دائما عجز المكلّف عن الإتيان بالواجب في حينه.
وبهذا اتّضح أنّ السفر إلى عرفات من المقدّمات العقليّة المفوّتة ، والفقهاء ملتزمون بوجوب تحصيل هذه المقدّمة قبل تحقّق زمان فعليّة الوجوب للوقوف.
ومن هنا فقد تصدّى الأصوليّون لبيان ما هو المنشأ للحكم بلزوم تحصيل المقدّمات المفوّتة التي يقتضي تأخيرها إلى زمان فعليّة الوجوب عجز المكلّف عن الإتيان بالواجب في حينه ، وقد ذكروا لذلك مجموعة من التوجيهات أرجأ المصنّف رحمهالله البحث عنها أو عن بعضها إلى الحلقة الثالثة.