ومثال ذلك أن يقول « إذا علمت بنجاسة الفقّاع فهو لك طاهر » فمنشأ المنافاة هنا هو أنّ موضوع الحكم بالطهارة وموضوع الحكم بالنجاسة واحد وهو الفقّاع ، غاية ما في الأمر أن العلم قد أخذ في موضوع الحكم بالطهارة إلاّ أنّ ذلك لا يرفع التنافي بين الحكمين ؛ وذلك لأنّ العلم بالحكم بالنجاسة لمّا كان من قيود الحكم بالطهارة فهذا يقتضي أنّ الطهارة ثابتة للفقّاع في ظرف ثبوت النجاسة للفقاع إذ أنّ القطع طريق لثبوت النجاسة للفقاع فتثبت النجاسة للفقّاع بواسطة القطع وبه يتولّد ثبوت الطهارة للفقّاع. فالفقّاع طاهر في حال نجاسته ، وهل شيء أوضح من هذا التنافي؟!
ومع اتضاح هذه الحالة تتضح استحالتها ؛ وذلك لأننا ذكرنا أنّ الأحكام التكليفيّة متضادة فيما بينها وإذا كان كذلك فيستحيل اجتماعها.
وبتعبير آخر : إنّ أخذ العلم بالحكم موضوعا لحكم آخر مضاد للحكم المأخوذ في الموضوع يلزم منه اجتماع الضدّين ولو في اعتقاد القاطع بالحكم الأول ، إذ أنّ المكلّف إذا كان قاطعا بثبوت حكم لموضوع فهذا يقتضي أن يقطع بعدم صوابيّة أي حكم آخر لنفس ذلك الموضوع وإلاّ لزم تبدّل قطعه وهو خلف الفرض.
الحالة الثالثة : أخذ العلم بحكم موضوعا لحكم آخر مماثل للحكم المأخوذ في الموضوع أي أن يجعل العلم بحكم قيدا لحكم آخر إلاّ أنّه مسانخ ومماثل للحكم الأول الواقع في رتبة الموضوع ، وبهذا يكون موضوع الحكمين واحد روحا كما بينا ذلك في الحالة الثانية.
ومثال ذلك « إذا علمت بحرمة الخمر حرم عليك » فالعلم بحرمة