كان الإمام الكاظم عليهالسلام في تباشير إمامته لا يباشر النص حتى لأصحابه ، ففي رواية هشام بن سالم الذي جاء متحرياً عنه ، قال : « فقلت له : جعلت فداك ، مضى أبوك ؟ قال : نعم. قال : جعلت فداك ، مضى في موت ؟ قال : نعم (١). قلت : جعلت فداك ، فمن لنا بعده ؟ فقال : إن شاء الله يهديك هُداك. قلت : جعلت فداك ، إن عبد الله يزعم أنه من بعد أبيه؟ فقال : يريد عبد الله أن لا يعبد الله ، قال : قلت له : جعلت فداك ، فمن لنا بعده؟ فقال : إن شاء الله أن يهديك هداك أيضاً. قلت : جعلت فداك ، أنت هو ؟ قال : ما أقول ذلك. قلت في نفسي : لم أصب طريق المسألة. قال : قلت : جعلت فداك ، عليك إمام ؟ قال : لا ، فدخلني شيء لا يعلمه إلاّ الله إعظاماً له وهيبة ، أكثر ما كان يحل بي من أبيه إذا دخلت عليه » (٢).
يتبين من خلال مقاطع هذا الحوار مدى الحذر الذي يبديه الإمام عليهالسلام حتى مع أقرب أصحابه ، خشية من أن يشيع الخبر ولو من غير قصد.
وفي مقطع آخر يشير إلى تربص السلطة به وبأصحابه ، ويأخذ على صاحبه بالسرية إلاّ لمن يطمئن له ، ويكرر محذراً كلمة الذبح مرتين ، قال : « قلت : جعلت فداك ، أسألك عما كان يسأل أبوك ؟ قال : سل تخبر ولا تذع ، فان أذعت فهو الذبح. قال : فسألته فإذا هو بحر. قال : قلت : جعلت فداك ، شيعتك وشيعة أبيك ضلال فالقي إليهم وأدعوهم إليك ، فقد أخذت عليّ الكتمان ؟ قال : من آنست منهم رشداً فألق إليهم ، وخذ عليهم الكتمان ، فإن أذاعوا فهو الذبح. وأشار بيده إلى حلقه » (٣).
__________________
(١) فيه إشارة إلى التأثر بادعاء البعض غيبته ، وهم الناووسية.
(٢) الكافي ١ : ٣٥١.
(٣) الكافي ١ : ٣٥١.