هذا مع أن عبد الله لم يكن له من العلم ما يتخصص به من العامة ، ولا روي عنه شيء من الحلال والحرام ، ولا كان بمنزلة من يُستفتى في الأحكام ، وقد ادّعى الإمامة بعد أبيه فامتحن بمسائل صغار فلم يجب عنها ، فأي علة أكبر مما ذكرناه تمنع من إمامة هذا الرجل ؟!
مع أنه لو لم تكن علة تمنع من إمامته لما جاز من أبيه صرف النص عنه ، ولو لم يكن قد صرفه عنه لأظهره فيه ، ولو أظهره لنقل وكان معروفاً في أصحابه ، وفي عجز القوم عن التعلق بالنص عليه دليل على بطلان ما ذهبوا إليه ، وأيضاً فإنهم رجعوا عن ذلك ، إلاّ شذاذ منهم ، وانقرضت الجماعة الشاذة أيضاً فلا يوجد منهم أحد (١).
وقال فيه الصادق والكاظم عليهماالسلام أحاديث كثيرة تدل على نفي الإمامة عنه ، منها قول الصادق لأصحابه قبل وفاته : « انه ليس على شيء مما أنتم عليه » (٢) ، وقوله في الحديث المتقدم في النصوص : عن طاهر بن محمد ، قال : «كان أبو عبد الله عليهالسلام يلوم عبد الله ويعاتبه ويعظه ويقول : ما منعك أن تكون مثل أخيك ؟! فوالله إني لأعرف النور في وجهه. فقال عبد الله : لِم ؟ أليس أبي وأبوه واحداً ، وأُمّي وأُمّه واحدة ؟! ، فقال له أبو عبد الله عليهالسلام : إنه من نفسي وأنت ابني » (٣).
وحديث محمد بن حمران : عن أبي الحسن موسى عليهالسلام ، قال : « قلت له : أكان عبد الله إماماً ؟ فقال : لم يكن كذلك ، ولا أهل لذلك ، ولا موضع ذاك » (٤).
__________________
(١) الفصول المختارة : ٣٠٧.
(٢) الإمامة والتبصرة : ٧٣.
(٣) الكافي ١ : ٣١٠ / ١٠.
(٤) الإمامة والتبصرة : ٧٢.