ومنهم من قال بإمامة إسماعيل بن جعفر على اختلاف بينهم ، فمنهم من أنكر وفاة إسماعيل في حياة أبيه ، وزعم أنه بقي ونص أبوه عليه ، وهم شذاذ. ومنهم من قال : إن إسماعيل توفي في زمن أبيه ، غير أنه قبل وفاته نص على ابنه محمد فكان الإمام بعده ، وهؤلاء هم : القرامطة ، نسبوا إلى رجل يقال له : قرمطويه ، ويقال لهم : المباركية ، نسبة إلى المبارك مولى إسماعيل بن جعفر عليهالسلام.
وأما ما اعتلت به الإسماعيلية من أن إسماعيل كان الأكبر ، وأن النص يجب أن يكون على الأكبر ، فمعلوم أن ذلك يجب إذا كان الأكبر باقياً بعد أبيه ، وأما إذا كان المعلوم من حاله أنه يموت في حياته ولا يبقى بعده ، فليس يجب ما ادعوه ، بل لا معنى للنص عليه ، ولو وقع لكان كذباً ، لأن معنى النص أن المنصوص عليه خليفة الماضي فيما كان يقوم به ، وإذا لم يبق بعده لم يكن خليفة ، فيكون النص حينئذ عليه كذباً لا محالة ، وإذا علم الله أنه يموت قبل الأول وأمره باستخلافه ، لكان الأمر بذلك عبثاً مع كون النص كذباً لأنه لا فائدة فيه ولا غرض صحيح ، فبطل ما اعتمدوه في هذا الباب.
فأما من ذهب إلى إمامة محمد بن إسماعيل بنص أبيه عليه ، فإنه منتقض القول فاسد الرأي ، من قبل أنه إذا لم يثبت لإسماعيل إمامة في حياة أبي عبد الله عليهالسلام لاستحالة وجود إمامين في زمان واحد ، لم يجز أن تثبت إمامة محمد ، لأنها تكون حينئذ ثابتة بنص غير إمام ، وذلك فاسد بالنظر الصحيح (١).
فإذا فسدت الأقوال المتقدمة ثبتت إمامة أبي الحسن موسى عليهالسلام ، وإلاّ أدى إلى خروج الحق عن جميع أقوال الأمة.
__________________
(١) الفصول المختارة : ٣٠٨.