الإحساس بالعظمة بالشعور بالفرح في الجلوس بين يدي الله ومخاطبته.
عن حفص قال : « ما رأيت أحداً أشد خوفاً على نفسه من موسى بن جعفر عليهماالسلام ، ولا أرجى للناس منه ، وكانت قراءته حزناً ، فإذا قرأ فكأنه يخاطب إنساناً » (١).
وكان عليهالسلام يسارع إلى فعل الطاعات وإلى كل ما ندب الله إليه برغبة وإخلاص ، فكان يعتمر ماشياً مع عياله وأهله والنجائب تُقاد بين يديه ، قال علي بن جعفر : « خرجنا مع أخي موسى بن جعفر عليهماالسلام في أربع عمر يمشي فيها إلى مكة بعياله وأهله ، واحدة منهن مشى فيها ستة وعشرين يوماً ، وأخرى خمسة وعشرين يوماً ، وأخرى أربعة وعشرين يوماً ، وأخرى واحداً وعشرين يوماً » (٢).
أما السجن فقد سخّره الإمام الكاظم عليهالسلام للعبادة والطاعة والهداية ، فكان عليهالسلام في السجن سيد العابدين الشاكرين لله ، لأنه فرّغه لعبادته وطاعته ، روي أن بعض عيون عيسى بن جعفر رفع إليه أنه يسمعه كثيراً يقول في دعائه : « اللهمّ إنك تعلم أني كنت أسألك أن تفرغني لعبادتك ، اللهمّ وقد فعلت ، فلك الحمد » (٣).
كان عليهالسلام يريد أن يعيش مع الله ليله ونهاره ، وأن يناجيه ويبتهل إليه ، وأن يتحدث معه حديث الحبيب إلى حبيبه ، وكانت أشغاله قد تحول بينه وبين ذلك ، وإن كانت أشغاله عباده متحركة مع الله ، لكنه أراد عبادة المناجاة وعبادة الروح وعبادة الانقطاع والتفرغ إلى الله من موقع القلب المفتوح عليه سبحانه ، ولذلك
__________________
(١) الكافي ٢ : ٦٠٦ / ١٠.
(٢) قرب الاسناد / الحميري : ١٦٥.
(٣) الارشاد ٢ : ٢٤٠ ، الفصول المهمة : ٢٢٠ ، مناقب آل أبي طالب ٣ : ٤٤٠.