دعا بالمسيب بن زهير في يوم وفاته ، فقال له عليهالسلام : « إني على ما عرفتك من الرحيل إلى الله تعالى ، وإن هذا الرجل اللعين السندي بن شاهك سيزعم أنه تولى غسلي ودفني ، هيهات هيهات ، لا يكون ذلك أبداً ، فإذا حملت إلى المقبرة المعروفة بمقابر قريش فألحدني فيها ... إلى أن قال : ثم رأيت شخصاً أشبه الخلق به جالساً إلى جانبه ، وكان عهدي بسيدي الرضا عليهالسلام وهو غلام ، فأردت سؤاله فصاح بي سيدي موسى عليهالسلام : أليس نهيتك يا مسيب ؟ فلم أزل صابراً حتى مضى عليهالسلام وغابت الشمس ، ثم أني أتيت بالخبر إلى الرشيد ، فوافاني السندي بن شاهك ، فوالله لقد رأيتهم وهم يظنون بأنهم يغسلونه ولا تصل أيديهم إليه ، ويظنون أنهم يحنطونه ويكفنونه وأراهم لا يصنعون به شيئاً ، ورأيت ذلك الشخص يتولّى غسله وتحنيطه وتكفينه ، وهو يظهر المعونة لهم وهم لا يعرفونه ، فلما فرغ من تجهيزه ، قال ذلك الشخص : يا مسيب ، مهما شككت فيه فلا تشك فيّ ، فإني إمامك ومولاك وحجة الله تعالى عليك بعد أبي. يا مسيب ، مثلي مثل يوسف الصديق عليهالسلام ، ومثلهم مثل إخوته حين دخلوا فعرفهم وهم له منكرون. ثم حُمل حتى دفن في مقابر قريش » (١).
وهناك جملة أحاديث تؤيد هذا المضمون ، منها حديث علي بن أبي حمزة حين سأل الرضا عليهالسلام فقال : « إنا روينا عن آبائك : أن الإمام لا يلي أمره إلاّ إمام مثله ؟ فقال له أبو الحسن الرضا عليهالسلام : فأخبرني عن الحسين بن علي عليهماالسلام ، كان إماماً أو كان غير إمام ؟ قال : كان إماماً. قال : فمن ولي أمره ؟ قال : علي بن الحسين. قال : وأين كان علي بن الحسين عليهماالسلام ؟ كان محبوساً في يد عبيد الله بن زياد. قال : خرج وهم لا يعلمون حتى ولي أمر أبيه ثم
__________________
(١) عيون أخبار الرضا عليهالسلام ١ : ١٠٠ / ٦ ، دلائل الإمامة : ١٥٢ ، الهداية الكبرى : ٢٦٥ ، مناقب آل أبي طالب ٣ : ٤٤١.