الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا ) (١) وكان ممن اصطفى الله ، وكان من السابقين بالخيرات (٢).
من هنا كان المنصور يراجعه حيثما يعييه أمر ما ، وكان الإمام عليهالسلام يجيبه طالما يتعلق الأمر بمصالح المسلمين ، فحين أراد المنصور أن يزيد في المسجد الحرام ، وقد شكا الناس ضيقه ، فكتب إلى زياد بن عبيدالله الحارثي أن يشتري المنازل التي تلي المسجد حتى يزيد فيه ضعفه ، فامتنع الناس من البيع ، فذكر ذلك للإمام الصادق عليهالسلام ، فقال : « سلهم ، أهم نزلوا على البيت أم البيت نزل عليهم ؟ فكتب بذلك إلى زياد ، فقال لهم زياد بن عبيدالله ذلك ، فقالوا : نزلنا عليه ، فقال الإمام عليهالسلام : فإن للبيت فناءه. فكتب أبو جعفر إلى زياد بهدم المنازل التي تليه » (٣).
ولما جُمع للمنصور القضاة ، قال لهم : « رجل أوصى بجزء من ماله ، فكم الجزء ؟ فأشكل ذلك عليهم ، فأبرد بريدا إلى صاحب المدينة أن يسأل الصادق عليهالسلام فأتى والي المدينة أبا عبدالله عليهالسلام ، فقال له : هذا في كتاب الله بيّن ، إن الله تعالى يقول : ( رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَىٰ ) إلى قوله : ( عَلَىٰ كُلِّ جَبَلٍ مِّنْهُنَّ جُزْءًا ) (٤) فكانت الطير أربعة ، والجبال عشرة ، يخرج الرجل من كلّ عشرة أجزاءٍ جزءاً واحداً » (٥).
ومثل هذه المواقف التي يضطر إليها المنصور ، لا تعكس حقيقة دخيلته وما
__________________
(١) سورة فاطر : ٣٥ / ٣٢.
(٢) تاريخ اليعقوبي ٢ : ٣٨١.
(٣) تاريخ اليعقوبي ٢ : ٣٦٩.
(٤) سورة البقرة : ٢ / ٢٦٠.
(٥) تفسير العياشي ١ : ٢٦٦ / ٥٧٧.