يضمره تجاه الإمام عليهالسلام وشيعته ، من حقد وبغض وعداوة ، تجلّت في مراقبته واتهامه وتهديده له بالقتل تارة وبالحبس أخرى ، وروي أنه استدعاه مرات متعددة يريد قتله فيصرفه الله عنه في كل مرة (١).
وإذ لم يحتمل المنصور ما يراه من امتداد مجد الإمام جعفر الصادق عليهالسلام بين أوساط الناس ، ( فلم يهدأ خاطره ، ولم يزل يقلب وجوه الرأي ، ويدير الحيل للتخلص منه ، لأن مدرسته قد اكتسبت شهرة علمية بعيدة المدى ، فلم ترق له هذه الشهرة الواسعة ) (٢).
وكان المنصور يتحيّن الفرص ويختلق الذرائع للإيقاع بالإمام عليهالسلام ، فاستدعاه إلى العراق بعد وقعة باخمرى ، ليوقفه بين يديه ، ولم تكفه الدماء التي أراقها من آل النبي صلىاللهعليهوآله.
قال عليهالسلام : « لما قتل ابراهيم بن عبد الله بن الحسن بباخمرى حُسرنا عن المدينة ، ولم يترك فيها منا محتلم ، حتى قدمنا الكوفة ، فمكثنا فيها شهراً نتوقع فيها القتل ، ثم خرج إلينا الربيع الحاجب فقال : أين هؤلاء العلوية ؟ أدخلوا على أمير المؤمنين رجلين منكم من ذوي الحجى. قال : فدخلنا إليه أنا والحسن بن زيد ، فلما صرت بين يديه قال لي : أنت الذي تعلم الغيب ؟ قلت : لا يعلم الغيب إلاّ الله. قال : أنت الذي يجبى إليك هذا الخراج. قلت : إليك يجبى الخراج. قال : أتدرون لم دعوتكم؟ قلت : لا. قال : أردت أن أهدم رباعكم ، وأروّع قلوبكم ، وأعقر نخلكم ، وأترككم بالسراة لا يقربكم أحد من أهل الحجاز وأهل العراق ، فإنهم لكم مفسدة. فقلت له : إن سليمان أُعطي فشكر ، وإن أيوب ابتُلي فصبر ، وإن يوسف
__________________
(١) راجع : مهج الدعوات : ١٩٨ ـ ٢٠٢.
(٢) الإمام الصادق / د. حسين الحاج : ٨.