الدنيا وإخراجهم من ظلمات الجهل والضلال إلى نور العلم وساحل الأمان ، من خلال التأثر بسيرتهم الصالحة وبكراماتهم التي حباها لهم الله ، أو من خلال الوعظ والإرشاد ، ممّا له بالغ الأثر في هداية واستبصار الكثيرين ، وقد سجلت لنا كتب الحديث والتاريخ بعض آثار الإمام الكاظم عليهالسلام في دعوته إلى الإصلاح والإرشاد في أوساط الأمّة المختلفة.
فعلى يده عليهالسلام تاب بشر الحافي لأنه اجتاز على داره ببغداد ، فسمع الملاهي وأصوات الغناء والقصب تخرج من تلك الدار ، فخرجت جارية وبيدها قمامة البقل فرمت بها في الدرب ، فقال لها : « يا جارية ، صاحب هذه الدار حرّ أم عبد ؟ ، فقالت : بل حر. فقال : صدقت ، لو كان عبداً خاف من مولاه. فلما دخلت قال مولاها وهو على مائدة السكر : ما أبطأك علينا ؟ فقالت : حدثني رجل بكذا وكذا ، فخرج حافياً حتى لقي مولانا الكاظم عليهالسلام فتاب على يده » (١).
ولما انتقل الإمام عليهالسلام إلى سجن السندي بن شاهك بأمر هارون ، تعرفت عليه أخت السندي وتأثرت بهديه وصلاحه وعبادته ، فكانت إذا نظرت إليه قالت : خاب قوم تعرضوا لهذا الرجل (٢). فاعتنقت فكره ومذهبه ، ولعل من آثار ذلك أن أصبح كشاجم الشاعر حفيد السندي من أعلام الشيعة في عصره.
ونقل ابن شهر آشوب عن كتاب الأنوار : « أن هارون الرشيد أنفذ إلى موسى بن جعفر عليهماالسلام جارية حصيفة لها جمال ووضاءة لتخدمه في السجن ، فقال للخادم : قل له : ( بَلْ أَنتُم بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ ) (٣) لا حاجة لي في هذه ولا في أمثالها. قال : فاستطار هارون غضباً وقال : ارجع إليه وقل له : ليس
__________________
(١) منهاج الكرامة / العلاّمة الحلي : ٥٨.
(٢) تاريخ بغداد ١٣ : ٣٢ ، تاريخ أبي الفداء ٢ : ١٥.
(٣) سورة النمل : ٢٧ / ٣٦.