من الدنيا كمثل منزل نزلته ساعة ثم ارتحلت عنه ، أو كمثل مال استفدته في منامك ففرحت به وسررت ، ثم انتبهت من رقدتك وليس في يدك شيء.
وإني إنما ضربت لك مثلاً لتعقل وتعمل به إن وفقك اللّه له. فاحفظ يا جابر ما أستودعك من دين اللّه وحكمته ، وانصح لنفسك ، وانظر ما اللّه عندك في حياتك ، فكذلك يكون لك العهد عنده في مرجعك.
وانظر فإن تكن الدنيا عندك على غير ما وصفت لك فتحول عنها إلى دار المستعتب اليوم ، فلرب حريص على أمر من أمور الدنيا قد ناله ، فلما ناله كان عليه وبالاً وشقي به ، ولرب كاره لأمر من أمور الآخرة قد ناله فسعد به» (١).
ومما جاء عن معالي أخلاقه عليهالسلام وشدة ورعه أنه كان اذا ضحك قال : «اللهمّ لا تمقتني» (٢).
ولعل من الأهمية بمكان الإشارة إلى أنه إذا كان الإمام عليهالسلام زاهداً ، فإنّما يستن بسنة جده المصطفى ، ويتبع منهاج آبائه الكرام عليهمالسلام ، ولم يكن زهده بالمعنى الصوفي أو الرهباني ، الذي يعزله عن التمتع بزينة الحياة ، ويقطعه عن لقاء الناس ، بل هو إمام منفتح على الواقع بكل تفاصيله ، وله مرجعية واسعة ومهام
__________________
(١) تحف العقول : ٢٨٧ ، وروي نحوه فى كتاب ذم الدنيا / ابن أبي الدنيا : ١٢٩ ، تاريخ دمشق ٤٥ : ٢٨٠ ، سير أعلام النبلاء ٤ : ٤٠٥ ، حلية الأولياء ٣ : ١٨٢ ، مطالب السؤول : ٨٠ ، الفصول المهمة : ١٩٤ ، تذكرة الخواص : ٣٤٨ ، روض الرياحين / اليافعي : ٥٧ ، كشف الغمة ٢ : ٣٣٣.
(٢) حلية الأولياء ٣ : ١٨٥.